.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الاثنين، 31 أغسطس 2009





ما كتبه الشاعر حسين القاصد في الذكرى السنوية الاولى لمدونته



في ذكراها الاولى .. مدونتي التي تنفست الضوء بانامل السناء / اقول : شكرا لكل من اطلت عيناه على قصائدي وتصفحت روحه نبضي وشكرا لباعثة الحياة في مدونتي شكرا لسناء

الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

ارجوك لا توقظه
الى شهداء جسر الائمة
في كل عام

يمطرون حمائما

حول القباب
ويهبطون نسائما

يتشابهون
دموعهم ميراثهم
به يصعدون الى الخلاص

سلالما
يتكاثرون مع الانين ويكبرون
وكلما لطموا
أغاظو ظالما
من ألف طفٍّ هكذا هم يركضون الى الحياة وينزفون

عمائِما
ألأنهم هم؟

لم تعد ضحكاتهم
واستفحل الداء القديم جرائما

ألأنهم نخل يغار القاع ان يجد النجوم مع الرؤوس توائما
مرّوا على التاريخ
حين تأرجحت

فحواهُ وانتشروا
نشيداً دائما

مرّوا على جسر الائمة
حالمين

فبعد تعبٍ قد يرون الكاظما

كان الحسين
والفُ رمحٍ في الطريق استقبلوه وبايعوه جماجما

وتوزعوا فوق الرماح

وكبّروا

سبحان من جعل الرماح

...................غنائما

طفلٌ على صوت القنابل

نام

ثم

صحا

فلم يجد الجوار ملائما

لم يحتفظ

الا بقطعة (شيلةٍ) كانت تلفلفه
ليبقى حالما

هذي يدٌ

.. ها.. هاهنا عينان

يا ربي هما عيناه.. يبدو نائما

ارجوك

لا توقظه..
يحلمُ بالإمام

يقبّلُ الشُباك..

يرجع سالما

لكنهم عبثوا بريش هيامه

كي لا يطير ..

فطار عنهم جاثِما

طرقوا عليه النوم..

فزّ فلم يجد

روحاً لديه

فبات شيئا عائما

يا اقدم الاشياء يا ماء العراق
لمن نعيش اذا نموت مواسما

الثلاثاء، 18 أغسطس 2009



حـوار مـع الشاعر العراقي حسين القاصد

نقلاعن كتابات - ضياء حجاب ياسين الشرقاطي

قصائده معجونة بلغة مقدسة .. ومفجوعة بوطن مدنس .. وموبوءة بوجع عريق .. وملغومة بآبار حبلى بالأسرار .. ومجنونة بالعراق .. وباقية على قيد العراق ...

حسين القاصد .. شاعر من أقصى جنوب الشعر .. يرفض جميع تعريفاته .. يكتب الشعر ليتنفس .. فهل صار الشعر طريقة بديلة للحياة في وطن يفترس أبناءه كل يوم بدم بارد ؟!...

فكرة هذا الحوار ولدت ماسنجريا .. حيث المرة الأولى التي تحدثت فيها مع هذا الشاعر الشاعر .. المثير لبعض الجدل .. المحفوف بالقصائد المغطسة بالشحوب .. الشاعر الذي يكتبنا بأصابعه المجردة .. ويقرانا بقصائده المغردة على أفنان هذا الوطن الممزق ...

وبعد الاتفاق على الحوار .. ( اخذتلي غطسة ) في بحر النت .. بحثا عما لا اعرفه عن حسين القاصد .. وبعد أيام قليلة .. أرسلت أسئلة الحوار إليه .. وبعدها بأيام كثيرة .. التقيت به على الماسنجر .. وتحدثنا عن السياسة والوطن وأشياء أخرى .. وبدا لي الرجل مرحا على عكس ما توقعته .. وكان الشعر ينثال من عباراته التي كان افقها يتسع لكل الاحتمالات ...

رغم إنني لم التقي به يوما .. لكنني شعرت بروحه المغامرة وأنا اقرأ حديقة أجوبته .. ولعل ما يؤكد هذا .. بعض أجوبته القصيرة هنا .. الكثيفة الشعر .. القاسية النقد .. وكل قصائده المجبولة من الشعر الخالص .. المشحونة بالانطباعات المتباينة .. التي تفتح أبواب التأويل .. وتسرق القارئ من أصابعه ...
...............................
........................
.......................

الشرقاطي:- قرأت لك في احد حواراتك قولك .. ( أما في بلدنا المبتلي بالطارئين فباستثناء اسمين أو ثلاثة .. لا يوجد لدينا نقاد .. فالموجود فقط تكتلات اخوانية على طريقة اكتب عني واكتب عنك .. ) .. آلا تعتقد إن رأيك هذا يرسم علامة استفهام كبيرة على جبين مسيرة ثقافية قدمت الكثير ولا زالت ؟...

القاصد:- ليرسم الف علامة يا صديقي فهل تضرك علامة الاستفهام إذا كانت صادقة ، نعم يا صاحبي هذه هي الحقيقة المرة ، النقد لدينا ما زال اخوانيا وما زال العراق خاليا من المصداقية النقدية باستثناء القلة الثمينة من نقادنا الكبار إذ ما زالت العملية النقدية في العراق منصبا وجاهيا يوصلك إلى منصب أثمن .

الشرقاطي:- أنت شاعر وليس بناقد .. والنقد الموجه إلى النقاد مهما كانت قيمتهم يجب أن يقدم من نقاد أيضا .. أليس كذلك ؟...

القاصد:- نعم ليس كذلك .

الشرقاطي:- في برنامج (رغيف شعر) الذي يعرض على قناة الاتجاه الفضائية .. جاء رأيك بالجواهري مثيرا للجدل .. وأنا هنا لن أسالك عن التفاصيل لأنها معروفة ومنشورة في كثير من المواقع .. لكنني أجدك تكتب قصيدة على لسان العراق هي قصيدة (إلى ولدي الجواهري) .. ثمة تناقض ما بين الموقفين يلد الكثير من علامات الاستفهام ...

القاصد:- لا تناقض في الأمر يا صديقي لان قصيدتي لم تكن في مدح الجواهري .

الشرقاطي:- إذا حذفنا العنوان من قصيدتك (إلى ولدي الجواهري) .. فإننا لن نشعر إنها موجهة إلى الجواهري .. أنا على خطأ .. أليس كذلك ؟...

القاصد:- نعم و لا ، نعم لأنها موجهة للجواهري قبل أن تحذف العنوان .. ولا لان الشعر ملك القارئ ولك أن توجهه كما تشاء .

الشرقاطي:- في قصيدة (أنثاي) .. نلمح بوضوح الشاعر حسين القاصد .. النزاري الهوى .. حدثنا عن القصيدة ...

القاصد:- لست نزاريا ولن أكون ولا استورد الشعر في بلد السياب واهمس في أذنك يا صاحبي ، بان القصيدة ليست غزلا .

الشرقاطي:-

أميرة عرش الورد لو إن شهقةً
حريرية منها .. أتكفيك شهقة ُ
أخيرا سترميها إلى النار راحلاً
بعيدا فهل ترمى إلى النار جنةُ

أثمة رمزية متسترة في قصيدة (طموحات الرماد) أم إن القاصد كان يرثي القاصد في لحظة وجع ؟...

القاصد:- إنها مرثية حقيقية للقاصد الذي اخبره الطبيب بأنه سيموت بعد عشرة أيام لكنه ولد بقصيدة أخرى ليشكر نعمة غباء ذلك الطبيب .

الشرقاطي:- الكثيرون يعتبرون إن قصيدة (عتب على وطني) هي أجمل ما كتب حسين القاصد على الإطلاق .. وأجمل ما فيها قولك :-

يا من وقفت جنوب الله كن حذرا
كل العراق جنوب أينما تقف
كل العراق نخيل والنخيل دم
إذا صرخت حسينا ينزف السعف

لكنني هنا سأسألك عن الشاعر حمد الدوخي .. لانني اعتقد إن شيطان الشعر الذي يزور حسين القاصد هو نفسه الذي يزور حمد الدوخي ؟...

القاصد:- أرجو أن تسال حمد الدوخي عن ذلك لان الشعر لدي إيحاء والشعراء أنبياء والوحي أولى بهم من الشيطان .

الشرقاطي:- هل يختلف تعريف الشعر بين ناقد وشاعر وقارئ ؟...

القاصد:- أجمل تعريف للشعر هو انه لا تعريف له حتى الآن .

الشرقاطي:- لماذا تكتب الشعر ؟.. ألانك شاعر فقط ؟.. آلا تظن إن دور الشعر وتأثيره في الحياة السياسية والاجتماعية وصل إلى أوطأ المستويات خلال العشرين قرن الماضية ؟...

القاصد:- اكتب الشعر لأتنفس وهذا يكفي ولتذهب البقية للجحيم .

الشرقاطي:- الشعر كلام موزون ومقفى .. تعريف ساد زمنا طويلا .. لو بعث المتنبي اليوم .. كيف سيقنعه اللذين كفروا بهذا التعريف ؟...

القاصد:- المتنبي أول من كفر بهذا التعريف لأنه كتب الشعر ولم يكتب الكلام الموزون المقفى لان هذا التعريف للشعر غبي جدا .

الشرقاطي:- مع كل هذا .. آلا يمكن اعتبار القصيدة هي مسقط رأس الشعر ؟...

القاصد:- وهل القصيدة ليست شعرا ؟.

الشرقاطي:- كبديل لتقسيم الأدب إلى شعر ونثر .. ما رأيك بتقسيمه جسديا إلى كتابات موزونة ومقفاة وكتابات لا موزونة ولا مقفاة .. وروحيا إلى شعر ولا شعر ؟...

القاصد:- الشعر نشاط تخيلي أداته اللغة لذلك فهو داخل في المسرح والرواية والقصة بكل أحجامها .

الشرقاطي:- هناك من يقول إن القصيدة العمودية قد فقدت بريقها وشاخت قدراتها على التأثير .. كلام سخيف .. أليس كذلك ؟...

القاصد:- الشعر عاد إلى الشعر بالقصيدة العمودية حصرا بعد أن أتعبته التجارب المراهقة .

الشرقاطي:- إن كلمة (قصيدة) توحي بثلاثة أشياء أساسية .. الوزن والقافية والشعر .. استنادا إلى هذا .. آلا يمكن تسمية قصيدة النثر .. شعر النثر ؟...

القاصد:- الشعر بكل أشكاله شعر على أن يكون شعرا ولذلك على قصيدة النثر التي تخلت عن كل شيء عليها التمسك بالشعر وان تملا كل فراغاتها لكي تقنع المعترضين وتقول إن فضاءات الأشكال الأخرى لم تكفها فلجأت لفضاء أوسع لذلك فهي اخطر وأروع ما وصل له الشعر على يد الشعراء فقط ولكن الخطر حين سمحت للطارئين باستسهالها .

الشرقاطي:- تعرض جسد القصيدة العمودية إلى عدة عمليات أدبية .. تمخضت عن قصيدة التفعيلة .. وهي قصيدة رائعة .. وأيضا قصيدة النثر (يسمونها قصيدة النثر!) .. وأشكال أخرى حديثة وغريبة أيضا .. لكن حسين القاصد اوجد القصيدة العمودية الحديثة حيث أبقى على الشكل وحدث المضمون واللغة والإيقاع .. ما تعليقك على هذا ؟...

القاصد:- لا ادعي ذلك لي ولن اسمح لغيري أن يدعيه لي ، قصيدتي فقط أنا من أوجدتها ولست مسؤولا عن قصائد الآخرين .

الشرقاطي:- هل سيكتب حسين القاصد القصيدة السياسية يوما ما كما فعل نزار قباني ؟...

القاصد:- قد اكتفي بقول السياب العظيم حين قال : أظن إن نزارا واحدا يكفي ، أما أنا فأقول لك ليس لمثلي أن يفعل ما فعله من هو أدنى منه شعريا .

الشرقاطي:- هل كتبت الشعر الشعبي ؟.. وهل تتابعه ؟.. وألا تعتقد إن تطوره وانتشاره قد يشكل خطرا على اللغة العربية ؟...

القاصد:- الشعر الشعبي خطر على العراق لا على اللغة العربية فقط ، لأنك ( بهوسة واحدة ) حين تقول ( ها اخوتي ها ) لن تنتظر بعدها إلا نهرا من الدماء .

الشرقاطي:- في مقالة اسمها (احذروا السيد الرئيس) .. نشرت في فبراير الماضي .. قلت فيها إن راسم الجميلي انتحر فنيا حين أدى دور الزعيم .. وأنا اتفق معك في هذا .. ويبدو لي إن جواد الشكرجي قد انتحر بنفس الطريقة عندما جسد شخصية أبو حقي .. وأيضا بهجت الجبوري عندما أدى دورا أثار حفيظة البعض في احد الأفلام المصرية .. هذه الأدوار الثلاثة .. هل تعتقد إن تجسيدها من قبل هؤلاء العمالقة جاء من قناعة أم إن هناك أسبابا أخرى ؟...

القاصد:- إذا استثنيت راسم الجميلي ( ولا حاجة لي بذكر محاسن الأموات ) كونه لم يكن أكثر من راسم الجميلي الذي يضحك الناس على جسمه ، فان جواد الشكرجي وبهجت الجبوري دفعهما إهمال المؤسسة الجديدة للفن والفنانين .

الشرقاطي:- الحوار وصل إلى نهايته .. كلمة أخيرة لجمهور حسين القاصد ...

القاصد:- لك ولكل من يقرأ هذا الحوار كل الحب .

الخميس، 13 أغسطس 2009

المعنى الشعري في يدي الثالثة

د: رحمن غركان


لم يعد عنوان مجموعة شعرية معينة مجرد اختيار غير مدروس بعناية ، لأن العنونة في النص الشعري جزء من بنيته الفنية ، ومن إيحائه الجمالي ، ومن مداه التعبيري في التأثير في المتلقي ، العنوان شكل أداءٍ فني يصله بالمتن نسغ من ماء تجربة شعرية مقصودة ، وإثرَ ذلك فالعنوان يضمر معنى شعرياً ، يفتح للتلقي نافذة على المتن ، فهو باب التجربة والنص الأول الذي تطلّ عبره ذائقة التلقي على آفاق المتن .
وفي المجموعة الثالثة للشاعر حسين القاصد الصادرة عن سلسلة ( نخيل عراقي ) 2009 ، احتفال بالعنوان بوصفه نصًّا يتصل مع نصوص المتن بأكثر من نسب ، فجملته إخبارية هي ( تفاحة في يدي الثالثة ) تتكون من ثلاثة عناصر دلالية ؛ الأول ( تفاحة ) اسم نكرة مقصود لمجازيته هنا ، ولإنزياحه عن معناه المباشر إلى معانٍ جديدة يريدها المتن الشعري لهذه المجموعة ، والثاني (في يدي) شبه جملة من جار ومجرور وضمير مضاف إلى المجرور ، وشبه الجملة كلّها ذات دلالة مكانية مقصودة لإنزياحها عن المعنى المباشر إلى معنى إيحائي هو التجربة الشعرية للشاعر المتضمنة بين الغلافين تحت عنوان ( تفاحة في يدي الثالثة ) ، والثالث هو الاسم الوارد صفة في العنوان أعني ( الثالثة ) وهي انزياح شعري عن الواقع ، فليس من يدٍ ثالثة ، إلاّ أن تذهب دلالة الباعث الآلي للتعبير عن معنى القصيدة على أنها ثالث يدٍ يكتب بها ويهشّ بها عن تجربته الشعرية و له فيها مآرب أخرى . والعدد هنا هو العنصر الأبرز في العنوان الذي أضفى على ( نصية العنوان) شعرية معناه . لأنّ ( تفاحة في يدي ) جملة يومية ولكن ( تفاحة في يدي الثالثة) جملة شعرية ، لأنه يوحي للمتلقي قبل القراءة ثم يصرّح له بعدها ، أن تجربته الشعرية هي أشبه ما تكون بيد ثالثة ؛ وهنا يتأوّل المتلقي ثنائية ( تفاحة / شعر ) لأن مجاز التفاحة يحيله ايحاء إلى أبينا آدم و ( أسطورة التفاحة في الجنة ) ليكون معنى الاغواء هو اللافت ( والشعراء يتَّبعهم الغاوون ) والإغواء يضمر معاني : المجاز والخيال والخسارة والإغراء والإغواء وغيرها مما يجيء في سياقها التعبيري . ومجاز التفاحة يحيله واقعياً إلى ( أسطورة نيوتن تحت شجرة التفاح ) ليكون معنى الجاذبية الأرضية هو الفاعل ، والجاذبية حين ترتفع من فيزياء نيوتن إلى شعرية الخيال تضمر معاني : الانزياح والاغراء والباعث على التأويل ، والإيحاء بالتأمّل وغيرها مما يقع في سياقها .
فالعنوان ( تفاحة في يدي الثالثة ) نص شعري خالص يتصدر متنه الخاص به ، ويضمر معناه الشعري اتصالاً بالمجموعة كلّها التي تنتمي كمجموعتيه السابقتين : ( حديقة الأجوبة ) و ( أهزوجة الليمون ) إلى قصيدة الشعر العربية التي اتضحت ملامح حضورها الفني والجمالي بعد منتصف التسعينات إلى اليوم ، ولعل أبرز من يكتب هذا الإتجاه عربياً من الجيل الذي أقصده ( أحمد بخيت ) من مصر . وعارف الساعدي وبسام صالح مهدي ومحمد البغدادي وغيرهم من العراق ، وهناك اسماء أخرى في سورية ولبنان وفلسطين وسائر الأقطار العربية الأخرى .
وما دمنا بصدد قراءة العنوان ، فمما يلفت النظر أن عناوين مجاميعه الثلاث تصدر عن مجازات نباتية حصراً ( حديقة / الليمون / تفاحة ) وهو ما يوحي للمتلقي بنزوع الانتساب الروحي للمكان ، والتوق الشعري للصدور عن حياته الخضراء صدوراً مجازياً باعثاً على التأويل ، وهو مايوحي أيضاً بحضور فاعلية العاطفة في التجليات الغنائية للخطاب الشعري لديه .
أما متن المجموعة فقد تضمن خمساً وثلاثين قصيدة توزعتها ثلاثة أشكال في الأداء الشعري ، أوّلها : شكل قصيدة الشعر الذي يصدر عن إعادة إبداع الهيكل العام والقالب الصياغي لصورة العمود الشعري العربي ذي الشطرين إعادة ابداعية ذات ثراء فني وأداء جمالي ، وتعمّق في استشراف المعنى الشعري على نحو استثنائي باعث على الادهاش ، يستميل تأويل المتلقي ويحاور تأمّلاته في شكل إبداع شعري يتعمق لكل حالة من الأداء الشعري كيفية الصياغة والاجراء ، تنأى عن التقليد وتبعث على المفاجأة ، عناية بابداع معنى شعري :
حضارة الناي كرسيٌّ كفرتُ به *** ورحتُ للقدح المكسورِ ممتحنا
فحين ألمسُ عريَ الماء أشربه *** وحين أخلو بليلي أسكبُ الوسنا
إنّ لغة المشابهة في الشطر الأول ، ولغة الاستعارة التمثيلية في الشطر الثاني من البيت الأول ثم لغة التجسيد في الشطر الأول ولغة التجسيم في الشطر الثاني من البيت الثاني ، كلّها لغات لإبداع معنى شعري عرفها القدماء وسيلة ، ويبدعها المعاصرون في ( قصيدة الشعر ) نصًّا باعثاً على التأويل ، تتأسس الوسيلة انطلاقاً منه . فقد استهلّ المجموعة بنصٍّ قصير من إيقاعِ البسيط أيضاً الذي بدا له حضور في هذه المجموعة وقد كتب نصّه على نظام الأسطر في تراكيب شعرية ، في تسعة أسطر مع أنها ثلاثة أبيات عنوانها ( قف ) .
قفْ أيها الوقت ، لاتعبر على وجعي *** لديَّ جرحٌ لذيذ ، هل يجيءُ معي
لديَّ من نخلتي ، طفلٌ يهزُّ بها *** جوعاً وقد طاحت الدّنيا ولم يقعِ
قف أيها الوقت ، إنّي صرتُ مقتنعا *** بأنني سوف أبقى غير مقتنعِ

وإنّ تجسيد الوقت ، وتجسيم الوجع والجرح ثم تجسيد ( الأنا ) ثم الإيحاء بالتمرد والتّساؤل المستمر والبحث عن أجوبة لاتنتهي ، كلُّ ذلك في شكلٍ من الأداء الشعري يستعيد هيئة أو قالباً مألوفاً ، لإبداع معنى شعري غير مألوف ، فيها يشبه بحث الشاعر عن نفسه في وسط يشبهه تماماً ، وهي مهمة صعبة غير أن شعرية جامحة تتوفّر عليها تجربة القاصد في الأداء الشعري هي ما أتاحت له أن يسير مع مجايليه محتفياً بخطوته لوحده ، وبمسيرته لجهته .. !!
أما الشكل الثاني فهو شكل قصيدة التفعيلة الذي أخذ فيه يشتغل على كيفية في انجاز معنى شعري لافت ، وهذا منحى ازدحمت التجارب على اتجاه كيفياته ، غير انه فيه لم يذهب بعيداً عن ملامح لغته الفنية في النزوع الايقاعي اللافت وكيفيات التصوير الشعري البعيد عن الرتابة والتقليدية ، وقد ترد قصيدة ( السهو نبتتنا ) انموذجاً من شعر التفيلة ، احتفل فيه باسلوب التدوير ، في بنية القصيدة المدوّرة :
( لم يلتقط قمر الحقيقة صورة للنزف مذ قطع اتجاهك طفلتين ولم تزل تهذي وينفلت انتباهك منهما ، الآن يسألك اتجاهك عن يد نذرت له سبابة !! هل تدري ان الصيف آخر رحلة للشمس ، انت كسرت طاولة ابتسامك مفعماً بالدمع ، كيف عدوت دربا للطريق فخططت عين الطريق على احتراقك واحة ..... ) .
التدوير هنا في نص التفعيلة هذا لم يقف عند تواصل الاسطر على وفق نظام الكتابة نثراً ، بل شكل اشتغال شعري في انتاج المعنى اقتضته طبيعة التعبير ، وكيفية انتظام المعاني الشعرية التي جاءت منسابة على ما يشبه النزوع الحكائي او القصصي ، فهو نمط في التفعيلة تستدعيه علائق التراكيب في انتاجها للمعاني الشعرية وليست مجرد صورة كتابية عابرة ، ولذلك لانقرؤه الا بوحي ذلك الانتظام المدور المتسلسل في انتاج المعاني او عرضها فنياً على هذا النحو .
أما الشكل الثالث فهو (قصيدة النثر ) التي كتبها على انموذجين ، الاول انموذج البيت او الجملة او الشريحة الشعرية ، كما في نص ( في الطريق الى البيت ) الذ ي تضمن ثلاث شرائح شعرية ، منها شريحة ( حلم ) التي تقول : ( حلمت باني احلم / حين استيقضتُ وجدت نفسي نائماً ) وهي جملة ذات معنى شعري في التعبير عن معنى النوم السلبي للناس حين يكونون مستيقضين في وسط من عين النهار !! والشريحة الثانية ( ابنتي في المدرسة ) التي تقول : ( ابنتي ( موج البحر ) رغم اجتيازها الابتدائية لم تذهب الى المدرسة ولم تأت منها طيلة عمرها لانها ولدت فيها ) وهي صياغة نثرية ذات معنى شعري في معنى ان الحياة معلمنا منذ صرخة الولادة !! واحسب ان هذا النمط من الاشتغال من اليد الاولى او الثانية ولكنه ليس من اليد الثالثة لانه ليس من التفاح في شيء الا في صياغة تخيّل المعنى فنياً !!! والانموذج الثاني من قصيدة النثر هو النص المفتوح النص الذي يعبر الاجناس منتمياً الى كيفيات فنية في ابداع معنى شعري ، كما في نص ( صعود ) الذي يجيء شكله البصري مكتوباً على صورة مثلث مقلوب رأسه في الاسفل وقاعدته تحت العنوان ( صعود ) اذ يقول في اوله / قاعدته : ( القعر هو بداية الطريق المخضر بالمعاناة نحو القمة / القمة هي نهاية مصير الخارج من قعره / الخروج هو بداية التغير المتأثر بالضوء / الضوء خط وهمي بين وجهتيك / .... ) ويتواصل النص حتى يصل الى رأس المثلث المقلوب في الاسطر الخمسة الاخيرة التي تجيء هكذا : (القمة بين حاجبيك / أتعود للقعر ، في يديك / الوهم / القمة ) فالنص بدأ بجملة ( القعر ) قاعدة للمثلث المقلوب في أعلى الصفحة ، وانتهى بـ ( القمة ) رأساً للمثلث المقلوب ...!!! على احتفال هذا الاشتغال بالشعرية بمعناها الفني في أداء المعنى الشعري إلاّ أنه احتفال مسبوق في نصوص النثر اللافتة في التراث و في الراهن ، واما هيكل المثلث فقد افاد منه ومن الاشكال الهندسية الاخرى وبعض الرسوم التشكيلية شعراء العصور الوسطى في الشعرية العربية التقليدية . وان اجتهاد الشاعر هنا على اتصافه بالفنية لم يرق بالنص الى مستوى الصدور عن اليد الثالثة في اكتشاف كيفيات ابداع المعنى الشعري ، وانجازه نصا استثنائياً . تلك اليد التي هيمنت على اكثر نصوص هذه المجموعة فجاءت ذات ثراء شعري غير تقليدي ، ثراء ابداعي باعث على الادهاش .
حسين القاصد في تفاحته المثمرة في يده الثالثة شاعر استثنائي ذو نمط من الاحساس بالشعرية وادائها ، متصف بالثراء الجمالي ، انجازاً على مستوى المعجم في حقوله الدلالية وانزياحاته الفنية ، واداء على مستوى الايقاع في عناصره الايقاعية المباشرة وغير المباشرة ، لسعيه إلى الاضافة الموسيقية عبر عناصر تعيد لغته بناءها ويبث فيها روح ازدهاره ، واجتهاداً على مستوى التراكيب يتيح للمعنى الشعري ان يصل لمتلقيه في صياغات مألوفة الشكل ثرية المعنى ، مدهشة الايحاء ، تكشف عن معنى ما ، ولكنها تكشف عن اسلوبية الشاعر في ذلك الاكتشاف ، انه يكشف عن الشيء في الوقت الذي يكشف فيه عن شعريته على وفق طرائق متعددة في الاجتهاد الشعري ، طرائق يبتكرها شكل الاداء ، ولا يصل اليها التقليديون إلا عبر الاداء بالشكل , واحسب ان اجتهاد القاصد في بناء تجربته الشعرية في سياق كل مجموعة ومنها هذه ( تفاحة في يدي الثالثة ) اجتهاد معني بدقائق الابداع الشعري ، وخصوصية الاداء الجمالي الذي حسب فيه الشاعر لكيفيات التناسب بين النصوص بدءاً من العنوان الى الختام حساب مقاسات شعرية غير تقليدية ، وهذا مرتكز الوعي الشعري في ابداع القصيدة ، انشغالاً ببصيرة الشكل وليس ببصره الظاهر وهو مايجد شعراء ( قصيدة الشعر ) انفسهم معنيين بها كثيراً لانها أعني بصيرة الشكل جزء من اضافاتهم للشعرية العربية المعاصرة .























نقلا عن جريدة العدالة
(تفاحة في يدي الثالثة)
حسين القاصد يوقع ديوانه الجديد

اقام الشاعر حسين القاصد احتفالية توقيع ديوانه (تفاحة في يدي الثالثة ) على قاعة الزوراء بفندق عشتار بحضور حشد من الادباء والمثقفين العراقيين.
عبد الكريم ابراهيم...
بدات الاحتفالية بمقدمة للشاعر ابراهيم الخياط استعرض فيها سيرة القاصد الشعرية منذ بداية الاولى حتى صدور ديوانه الاخير (تفاحة في يدي الثالثة) ضمن نخيل عراقي للابداع الشعري .ثم قرأ الناقد والشاعر جبار سهم السوداني شهادة نقدية واصفا الشاعر بالعراقي الهوى والهواية ، وان شعره يجري كشلال بيخال الدافىء وفنية جواد سليم وموسيقة منير بشير ، حيث ان الشاعر مواظب للقراءة الموروث الشعري.ثم قدم بشير حاجم قراءة نقدية من خلال استعراض المراحل الشعرية العراقية ابتداءا من القصيدة العمودية ثم حركة الشعر الحر، ثم قصيدة النثر ، العودة الى القصيدة العمودية ، حيث يعد القاصد من الذين احيوها من جديد من خلال تجربته الشعرية مارس التنوع في الاجناس من خلال التفعيلة ولكن يبقى عموديا يستطيع ان يختار البحور الشعرية مع اختلاف الايقاع وحسب المناسبة ويضيف الناقد ان القاصد له قدرة على تقطيع القصيدة العمودية كي تبدو قصيدة تفعيلة مع كل هذا يبقى واحد من الذين اعادوا للقصيدة العمودية هيبتها ، ولعل قصيدة (سادن الماء) خير دليل من خلال التقطيع حيث تكرار كلمة (تزفت ) ثلاث مرات في بداية كي يصور النزف ايقاعيا.ثم قدم الدكتور سحاب محمد ورقة نقدية بعنوان(القاصد وتفاحته التي لسيت للاكل ) جاء فيها اهداني القاصد نسخة من ديوانه ( تفاحة في يدي الثالثة ) فتصفحت بعض وريقاته على عجل لاقيا نظرة في موضع ونظرة في موضع اخر ، لكنني ادركت ان نظراتي تلك تتطلب مني الترتيب في القراءة والتأمل فيما أقرا ، ذلك اني احسست وقع شىء مايشدني للتوقف عند ملمح لصورة شعرية معبرة وملمح لمعنى مكتزبتدفق عاطفي فياض ،يجبح حزن بهي وجدت القاصد يجيد التنقل بين مرافئه ويحسن العوم في اعماق شطانه متدرعا بعبر جميل وارادة لاتقهر وعزيمة تقتحم الصعاب فهو على الرغم من اوجاعه يتسامى متمردا هازها واثقا من خطاه :
فمي غربة وجهي اليتيم احبهُ
واكثر ماأهوى عليه تمردي
اناسرمدي الاه احتاج امة
لفرحي فمن مثلي مع الاه سرمدي
اقول لنخلي لاتنم رب مريم
يصيح بها صوت النجاة فتهتدي
ويضيف الناقد : لاادري ماذا اقول وانا حضرة هذه التراتيل الشجية هذه الايقاعات المكتنزة بالق الابداع وثراء الموهبة انها شاعرية القاصد التي بها اشراكنا بمرافقة في رحلة اوجاعه واحزانه وتمرده وحبه وهيامه ، لتستمتع معه في محطاتها وقفاتها مبهوريين بجمال تفاحته وسحرها الاخاذ وهي تبدو لناظرها انيقة بهية جميلة نشتهيها لذة طرية عذبة لكنها تبقى عصية على من يحاول قطفها لانها غذاء روح لاجسد .وبعد قدم الناقد فاضل ثامر رئيس الاتحاد الادباء والكتاب في العراق كلمة : حسين القاصد مشاكس في اللغة والتعبير والانزياح والخروج عن المألوف ، وهو يملك قدرة كبيرة على التطوير مابين مجموعته الاولى (حديقة الاجوبة ) والثانية (اهزوجة الليمون) ومجموعته الثالثة (تفاحة في يدي الثالثة) ثم قرأ الشاعر مجموعة من قصائد ديوانه منها (ويسألونك عني)
بدأت قيل متى؟ ناديت منذ أنا
منذ اختلفت معي كي احرث الشجنا
من الف بادية في الروح سار دمي
لكي أرتل اطفالي لها مدنا
في سابق النمل كانت قريتي قلقا
ثم استراحت بعصن نأمل زمنا
ويسألونك عني قل لهم : قلق
يومي … ينزأسى حتى يبوح لنا
وقد قاطع الحضور قصائد القاصد بتصفيق خصوصا انها طعمت بمشاكسته المعروفة وحضر الاحتفالية عضوالبرلمان مفيد الجزائري وعقيل المندلاوي مديرالعلاقات والاعلام في وزارة الثقافة والدكتور محمود جواد الموسوي رئيس جامعة واسط وعدد من الشعراء والادباء ومحبي الشاعر. الشاعر في سطور :*
عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق .*مؤسس نادي الشعر في العراق ورئيس دورته الاولى .*صدر له ديوانه الاول (حديقة الاجوبة) عن اتحاد الادباء والكتاب العرب في دمشق عام 2004 .*صدر له ديوانه الثاني ( اهزوجة الليمون) في بغداد عام 2006 .*عمل سكرتيرا لمجلة الاديب العراقي ومسؤولا في عدد من الصحف العراقية. *ماجستير في اللغة العربية / جامعة بغداد.

الأربعاء، 12 أغسطس 2009


نخيل عراقي تحتفي بـ (تفاحة في يدي الثالثة)


اقامت سلسلة نخيل عراقي على قاعة فندق عشتار حفل توقيع ديوان تفاحة في يدي الثالثة للشاعر حسين القاصد، وقال الشاعر ابراهيم الخياط مقدم الحفل ، ان هذه السلسلة التي يرأسها الشاعر مجاهد ابو الهيل اعتادت ان تحتفي باصداراتها، ويأتي الاحتفاء بديوان تفاحة في يدي الثالثة الثالث بعد ديوان عارف الساعدي واجود مجبل ، وتمنى الخياط ان تحذو دور النشر كافة الرسمية وغير الرسمية حذو المحتفلين بهذا التقليد الجميل والجديد في الحياة الثقافية العراقية لما يحمله من مغزى ثقافي واجتماعي ومحاولة جادة للحفاظ على الاصدارات الابداعية عن غبار النسيان في المخازن العتيدة . بعد الترحيب بالضيوف الذين غصت القاعة بهم وقراءة مختارات من ديوان حسين القاصد طرحت عدة اوراق نقدية جميعها اشادت بالجديد الابداعي في قصيدة القاصد ومنها ورقة الناقد بشير حاجم الذي اسهب في تتبع العرض التاريخي لشعر حسين القاصد كاشفاً عن مزاياها الفنية واللغوية والشعرية وعلى ثباتها بالقافية رغم الانزياحات التي طرأت على كثير من القصائد . جبار سهم السوداني قال انها قصائد شاكسة مشاغبة تضج بالجديد في البناء ، والانتقاءات الذكية للمفردات الملونة ..جديدة قلب الجملة الشعرية عما هو سائد … يطوع المورث الشعري بحداثة بائنة يختص هو بها تمنحه هويته الشعرية ذات الجرأة والعنفوان .. وفيها الشجن العراقي الضاج بما هو جديد عن راقي الشعر والحداثة .. سليط اللسان رقيق الشعر مشاكس لكنه يعرف في قوافيه خجلاً مما هو لم يستطع ان يكمله في ديوانه .. يمزج بجنون عاقل اللون والموسيقى ويفرض على المتلقي ان يصغي وان يحلل ما خلفها وما تحتها وبينها .
اما ورقة الدكتور سحاب محمد فقال فيها : تجسدت في قصائد الديوان شاعرية مبدعة اخذت طريقها لتعلن عن ولادة شاعر يملك موهبة ناضجة تسندها لغة ثرة امدت الشاعر بفيض من الصور والمعاني المعبرة ، وقد كان القاصد يتصرف بلغته الشعرية بمهارة ووعي ويجيد التعامل مع مفرداته الشعرية ليبني نصاً شعرياً نابضاً بالحركة والحياة.
ان القاصد على الرغم من احزانه واوجاعه وهموهه كان يلوذ بحب العراق ويتسامى به ويشغله ذلك الجرح فيلتقي حزنه ليقول له قف انك في حضرة جرح العراق وطن جميل مستفز وموت اذا تغزوه يغزو وطن توسد حزننا واذا فرحنا قد يفر جميلة هذه التراتيل الشجية وهذه الايقاعات المكتنزة بثراء الموهبة وغنى الشاعرية المبدعة.
“فاضل ثامر / رئيس اتحاد الادباء والكتاب في العراق جاء في كلمته ان ديوان حسين القاصد تفاحة في يدي الثالثة يمثل نقلة في مسيرة الشاعر مقارنة بديوانه الثاني اهزوجة الليمون ، وهذا الشاعر المشاكس الذي يميل الى حشد مجموعة من الانزياحات الاسلوبية البلاغية يفاجئنا دائماً بصدمة شعرية قد تكون لغوية او لفظية او معرفية يكاد يشاكس فيها وعينا ، وتلقينا مرة ثانية بانه قطع مسافة طيبة باتجاه استكمال مشروع الشاعر الشعري الواعد الذي سيصل اليه الشاعر مستقبلاً بعد ان يتخطى عكازات ايقاعية وصوتية وتواصلية يعتمد عليها كثيراً في استدراج وعي المتلقي ، وهو بالتاكيد سيسير باتجاه القصيدة الكونية المركبة القادرة على ان تكون رؤية عميقة ومشعة للعالم .


ناهي العامري

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

الشاعر حسين القاصد يبدع تفاحة ثالثة ويبوح : هناك انفلات شعري كبير








الشاعر حسين القاصد يبدع تفاحة ثالثة ويبوح : هناك انفلات شعري كبير

يامن من العينين اغلى
في كل عام انت احلى
في كل عام تقطرين عذوبة وندى محلى
وانوثة تنساب منها دجلتان بما تجلى
من خضرة المعنى ومن طفل به مازال طفلا
تلك هي لعبة الشاعر ومشاكساته حين خدع فيها خمس نساء في فضاء اظنه (الحب) لكن الناقد (وربما القارئ المشحون بلغة الوعي ) وهو يضع نصوص الاخرين على طاولة ادواته

المعرفية اكتشف اللعبة وصار اعتراف الشاعر علنا على منصة البوح في قاعة التكرلي. فالشاعر الذي استضافته جمعية الثقافة للجميع يوم 23 /7 /2009 احتفاءً بصدور لوحاته الرائعة في مجموعة (تفاحة في يدي الثالثة ) قال بصوت لم يفارقه الشجن وهو يدون ملاحظاته على مساحة الشعر بعد الرقم المذهل 2003 ((هناك انفلات شعري كبير سببه ظن البعض ان مساحة الحرية تعني وجود الضوء الاخضر للكثير من الضوضاء تنطلق في الساحة لذلك امتلات الساحة بالضجيج والاصوات العالية التي لا علاقة لها بالشعر ، البعض كان يظن انه مغيب والان عرف بنفسه لماذا كان مغيب لانه يصلح لاي شيء الا الشعر لقد انتهكوا حرمة المنصة وانتهكوا عفافها ((اقصد بعفافها وشرفها) هو سمو الشعر العراقي الذي كان ومازال في الصدارة لذلك فان وجود مساحة كبيرة من الاعلام المرئي والمقروء وهذه المساحة لا تخلو من الطارئين الذين اخذوا يروجون لاقلامهم من الذين يسمون انفسهم شعراء ومازالت الشهرة الاخوانية على طريق (شيلني واشيلك).
اذن هو الشاعر حسين القاصد الماخوذ بجنون بحب بمن لم يمنحه (سنتيمترا) كي تغفو احلامه على وسادة الانتماء ليكوّن (بيت بيوت) لعبة علمتنا الحنين لوجع الوطن.
- ترى هل عادت ابنتي من المدرسة ؟
ابنتي (موج البحر) برغم اجتيازها الابتدائية لم تذهب الى المدرسة ولم تأت منها طيلة عمرها
لانها ولدت فيها
قدمه الشاعر الاعلامي علي العقابي ((قامة شعرية عراقية اثبتت حضورها في ساحة الشعر العراقي من خلال ثلاثة دواوين شعرية دوّن فيها حقيقة ما يعني من دون رتوش)).
هو يتحدث عن هموم وطن سورته الحروب والاوجاع. ان لا مسرات في افقه تهتدي
وطن جميل مستفز
موت اذا تغزوه يغزو
وطن كجرح في الدماء وعمرنا منه ينز
ان جاع يأكل ما تبقى من بنيه وما يحز
في نفسه دمع وها دمع العراقيين لغز
وتحدث الناقد بشير حاجم وهو الذي اكتشف لعبة القاصد (هذه التجربة الثالثة للشاعر حسين القاصد وهي مختلفة عن تجربتيه السابقتين من حيث انها لم تتضمن اية مقدمة لاي ناقد ما يعني ان القاصد لم يعد بحاجة الى (تزكية نقدية) وهي بعد ذلك مليئة بالشعرية ، منذ عنوانها مرورا باهدائها وصولا الى متنها اي القصائد التي تنوعت ما بين قصائد العمود والتفعيلة والنثر وغيرها من التجنيسات فضلا عن ان القاصد في قصائده الموزونة يتنوع في اشتغالاته العروضية حتى ضمن الثيمة الواحدة كما لاحظتها على سبيل المثال في قصائده عن اخيه الشهيد حسن وهي بحدود ست قصائد كلها ذات تفعيلات مختلفة وهناك العديد من المزايا التي يتمتع بها القاصد في تجربته الاخيرة وهو ما يدعوني للتأكيد ان حسين القاصد واحد من اهم شعرائنا الذين هم بعيدو الاعتبار دائما للقصيدة العمودية في العراق.
وفي قراءته النقدية كتب الشاعر الشاب ابدا جبار سهم السوداني ((انه لشاعر مقدود من شغب وصخب وتمرد حداثوي افي سلوكه الشاكس ام في قصائده لاسيما في ذه المجموعة الجديدة الباسلة اعني بها تفاحة في يدي الثالثة اذ يتمظر الشاعر فيها بالاوهاج الحداثية التي اخذ يشتغل عليها شياطين المدرسة الشعرية العراقية . والغريب في امرهم انهم لم يتمردوا على الشكل الفني والنغمي الوزني او اللوني.
بل تلقاهم قد حدثوا وفائيا هذا الموروث الابداعي الذي تمأسست عليه ذه الايقونة الشعرية العراقية فهو يعد واحدا من فرسانها الألى هشموا جليد الرتابة الشكلية والمعنوية التي دابت الاذن على الاصغاء لها.(
لم يتحدث الشاعر حسين القاصد عن تجربته الابداعية مكتفيا بقراءة تجارب قصائده تحت انفعال وتوتر مدهوشا مع قصة الحدث العميق الذي جاءت بها سرديات عاش حزنها وجعا في القلب ،وجعا في الحب ،وجعا في الوطن والموت المجاني، اذا العراق اراد غيما قهقه الفجر اقتراح الماء وانكسرت اواني الزرقة السمراء واختلف النخيل
لخلوة النهر المكبل بالضحايا ثم انبت صبية..
سبحان من جعل الدماء دموع هذي الارض
بل سبحان جرح الارض ينزف اخوه... اي يا حسن..
متباعدان
كدجلتين تفرقا شوقا وقالا
برغم فرقتنا سيلتقيان

وللتشكيل رأي في الشعر اذ قال الفنان قاسم العزاوي (الشاعر حسين القاصد في مجموعته الشعرية الثالثة لم يتقيد في اسلوب شعري محدد وانما كتب قصيدة العمود والتفعيلة والنثر وزاوج ايضا بين قصيدة العمود والنثر مثلما وظف عدة بحور في القصيدة الواحدة ، من هنا جاء تعدد الثيمات لصالح القصيدة ونموها وصولا لنهايتها، ان قصيدة الشاعر حسين القاصد تحقق عدة قراءات وتأويلات مما يشرك القارئ المتلقي ليساهم بالتجوال داخل عالمه الشعري (وهنا اذكر ان الشاعر جبار سهم السوداني قال خارج متنه النقدي (تظل عينه على وطن يشبع كل جياع العالم ومأواه المدرسة.(
قف ايها الوقت، لا تعبر على وجعي، لدي جرح لذيذ هل يجيء معي، لدي من نخلتي ، طفل يهز بها جوعا، وقد طاحت الدنيا ولم يقع، قف ايها الوقت، اني صرت مقتنعا، بانني سوف ابقى غير مقتنع.
وفي ختام هذه السياحة في ساحة الابداع العراقي ،في فضاء الشعر العراقي قدم الفنان التشكيلي قاسم العزاوي هدية جمعية الثقافة للجميع الى الشاعر المبدع حسين القاصد.

فهد الصكر