.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الخميس، 30 أبريل 2009

الأربعاء، 29 أبريل 2009

الثلاثاء، 28 أبريل 2009

مهرجان المربد السادس















مهرجـان المربــد السادس
تحت شعار دورة شهيد الثقافة العراقية كامل شياع واحتفاءا بالشاعر عبد الوهاب البياتي اقيم في البصرة عاصمة الثقافة العراقية مهرجان المربد السادس للفترة من 26/4/2009 لغاية 28/4/2009
وقد تضمن المهرجان القاء قصائد لشعرائنا المبدعين وفعاليات فنية وجلسات نقدية كما تضمن زيارة بيت شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب والذي يقع في منطقة جيكور في قضاء ابي الخصيب حيث غرد شعرائنا في بيته
وقد شارك شاعرنا المبدع حسين القاصد بهذا المهرجان بقصيدته ما زلت على قيد العراق




































































































































































































































































































الثلاثاء، 21 أبريل 2009

إمام ارتباك السمار





إمام ارتباك السمار
الى اخي حسن أيضا
تغازله فكرة نيئة وتخنقه اللحظة السيئة
هو استعجل العمر، كان الكتاب طويلا وذاب لكي يقرأه
أغاب المبشر ام للسماء مزاجٌ فغاب لكي تنبئه
امات إمام ارتباك السمار على خده منذ ان انشأه
إلهُ الذين بحمد الاله بسكينهم ضمدوا مبدأه
فمن يملأ القلب حبا وعطفا
ومن للخلاص اذا اومأه
ومن للطباشير
سبورتي تئن فسطريَ من ارجأه
وكنا ارتدينا ثياب الرماد
ركضنا.........
لوحدي ....!!
فمن اطفأه
ومن؟
هذه الارض كانت هنا
وهذي السماء
وذي الاوبئة
هنا الارض ... يوم قيام الرصاص
هنا الموت والبوح والتأتأة
هنا كل ما لايكون هناك
لأن (هنا ـ نا ـ) لنا مبرئة
هنا طاح
طاح فوق الكلام
لينساب من دمعة اللؤلؤة
.....................
وكان الامام إماما قديما تشيراليه خطوط يديه وكانت تمر القوافل منه فقد كان جسرا نديا وكانت شفاه الصحارى تبوس يديه ........
فأين الامام؟
تقول الرياح العتيقة ان الشراع الأريجيُّ كان يصارع كحل البداية ولكن حلّ السؤال الاخير الذي ليس يترك
كم كان صعبا
فأغرق نكهة طعم القبول بدمع التأرجح
ومازال يحتاجها مرفأه وظل يئن لدفء امرأة
هي امرأة ٌ
ربما اكثر
النساء جميعا ينادونها ياامرأة
وراح الامام ومازال في القلب ظلم وجور
ومازال يحلم ان يبتدي وراء المعلم درس البداية
دارا ودور
ومازال ادم يبكي وحيدا ويحسد يوسف
فلا اخوةٌ رموه الى البئر لاذئبَ مرَّ ولامن قميص ٍ سوى جنة تغض البداية عن وعيه ، يريد الطفولة ، اين صباه ، اين الحكايا واين الخصوم واين النساء ؟ وهل كان يرضى بحواء انثى لو أن ....
وفز الامام
وكان الرضيع يخاف المساء (عدوك عليل)
فيا (للعليل)
فياللعليل وما اجرأه ويالك من سالم جزّأه
وشظـّاه
نجمة َ خوفٍ هناك
وذكرى تحاورها المدفأة
فكم كنت وقت نباح الشتاء تخاف عليها
وكانت تحب النعاس لديك تلملم زرقة ماظل منها وتغمض اخر نيرانها ........ تنام ولم تكملا قصة ً فياللشتاء
انام الامام ؟!
لماذا تركت الجميع بمفردهم وقد غبت كلك
اماكنت تعلم ؟ هم وحدهم
وان المساء قيام الرصاص سينفخ في النخل صور الدماء
سيخرج من ضلع نحس الضحايا
غبيٌ عتيدٌ هجين اللسان
وتتبعه ثلة ٌ تائهة
واصافه : شكله شبهة ٌ
علاماته: بوحه تهمة
سيحرث كل دماء العراق بمحراث جهل ٍ
رصاصاته مدفوعة الثمن
ماذا ؟
اخيرا؟
هذا الامام
أيا سيدي عين امي هنا أعن عين امي (عليك) النخيل
عليك دموع الجنوب الحزين
توكل على النخل ان النخيل قديم الوقوف
كأنه في وقفة الفاتحة
ومس الامام جبين الصراخ وراح بعيدا
وكان الاريج رفيق التدفق
اين الرصاص ؟
يقالُ الرصاصات اخترن ازواجهن
فكلٌ تعانق من تشتهيه
فهمت !
لِذلك راح الامام
ومازالت الفكرة النيئة
وماذا عن اللحظة السيئة
21/4/2009

مازلت على قيد العراق

الاثنين، 20 أبريل 2009

ويسألونك عني


ويسألـونك عـني

بدأتُ.. قيل متى؟ ناديت منـذ انـا
منذ اختلفتُ معي كي احرث الشجنا
من ألف باديةٍ في الروح سار دمي
لكـي ارتّـل اطفالـي لهـا مدنـا
في سابق ِ النمل ِ كانت قريتي قلقـا
ثم استراحت بغصن ٍ نامـل ٍ زمنـا
الريحُ مشنقـة ٌ اولـى سأعبرهـا
كي لا أموتَ امامـي فالحيـاة انـا
والبحرُ خارطة ماتت وهـم بحثـوا
في دمع بوصلتي كي ينقذوا السفنـا
حين انتبهت الى ارضي مشت قدمي
وعندما لـم اقـف سميتُهـا وطنـا
احتاج سـرَّ ابـي حتـى اجددنـي
حتـى اجـددهُ .. يحتاجنـي علنـا
ابي الذي كان يـدري انـه رجـلٌ
لكن بنانـي لـه مـن ظلـه بدنـا
ابي حكاياي ، امي دهشـة يبسـت
انا اغانيهـم الاولـى متـى حزنـا
قطعت عمراً طويلاً خلف(لستُ ارى
سواي) لم التفت عني بصيص سنا
حضارة ُ الناي كرسي كفـرتُ بـه
ورحت ُ للقدح ِ المكسـور ممتحنـا
فحين ألمسُ عريَ المـاء اشربـه
وحين أخلو بليلي اسكـب الوسنـا
لا كيف.. كان لهم ان يملأوا بصري
غيماً وآنَ لهـم ان يهطلـوا مزنـا
فكيف اعرف اسم الذئب.. اخوتنـا
كانوا على البئر اما الذئب ليس هنا
حلمتُ اذبح ربي كـان لـي وطـنٌ
كبشٌ هربتُ به ، لـم أفتـدِ الوثنـا
وقبل دهس ِ سمائي كلهـم حملـوا
جنازة الماء واختاطوا دمـي كفنـا
ويسألونك عني، قـل لهـم: قلـقٌ
يُوحَى.. ينزُّ اسىً حتى يبـوح لنـا
اتـى وآيتـه مـن لـون تربتـه
مذ حاورَ الطين اسرى للنخيل بنـا
وقـل نبيـاً قديمـاً فـات موعـده
فأيقظ الوحي كي يستعمـر اللُسُنـا

الجمعة، 17 أبريل 2009

الشِعر كطاقه تصويرية او عودة ماهو شعري الى الشِعر .. حسين القاصد نموذجاً

نقلا عن موقع كتابات
الشِعر كطاقه تصويرية او عودة ماهو شعري الى الشِعر .. حسين القاصد نموذجاً
عبد اللطيف الحرز
لعل اقرب الكلمات للرصد هي كلمة ذلك النزر القليل من الناقد (=خذ شاكر اللعيبي كنموذج توضيحي ) باننا نحتاج الى مقدار من((الثقة)) بانفسنا , حتى نجد اننا نمتلك مقدار من الشعراء , وان الشعر ليس عملة نادرة الى درجة تهدد بالانقراض,فليس لدينا فقر شعري الى الدرجة التي افتعل ويفتعل غبارها البعض ,فبات هنالك ثمة احساس بانا والشعر وصلنا الى حد الافلاس وشد حجر الصمت واللابالاة على السمع والعيون .

واعتقد ان من اسباب ظاهرة الانصات البارد للشعر في اوساطنا اليوم مرده الى عدة امور اهمها هنا :

1 _ ذلك التضخيم بمادة الشعر حتى كأنه بات من المحالات فلا يبلغ شأوه الا الاوحدون والسوبركاتب ,وهو تضخيم بلغ حد الارهاب الثقافي لكل من حاول ان يخلع نعليه ويطأ وادي الكتابة الادبية في هذا المجال .

2_ كثر الكتابة في مادة الشعر , هذه الكثرة قد تبدو لأول وهلة بلية كبرى ابتلة بها اهل الشرق حيث وفر الانتريت والوسائل الاخيرة للنشر , كوثرة اسماء ونصوص بشكل بات لايقبل الاحصاء ولا اي مشروع للانطلوجيا .
في حين ان ظاهرة كون الشعر المادة الاكثر تسطيرا , هي ظاهرة قديمة وليست مستجدة, فالشِعر لكثرته هو الذي اجاز القول بانه ديوان العرب .

بالتأكيد ان هذه الكثرة تخلق نوع من التبلبل وعسرة الابحار في مياه خليطة واخرى صافية , لكن هذا لايبرر ان نقابل بالجفاء والغلظة كل هذه الاسماء الجديدة وبذات الحدة , على العكس فان يكثر قوالوا الشعر فانه يخلق نوع من التحدي والامتحان للشاعر الحقيقي ,ويساعد الناقد على فرز ماهو قول جميل لكنه مجرد خاطرة عابرة , بخلاف قول آخر يكتنف على موهبة حقيقية وتجربة جادة.
نعم هناك مشكلة سلوكية لاربط لها بالعلم وحرفة الادب , اقصد كثرت الشجارات بين كتبت الشعر وتهوين بعضهم بعضا , ليس بطريقة شعر الذم ,الذي يزخر به التراث القديم ولم يكن يوما امرا يشكل عقبة لشعرية الشعر , وانما هذه الحرب هي على الدوام تنحدر بسلوكيات مخجلة نصا واداءا عملياً.

والشاعر العراقي حسين القاصد نموذج لاسماء جديرة باعادة التأمل فيها , ((التأمل)) لا بذات نصوصهم المباشرة وانما ايضا كمرفأ عن سجالية ملحة : مالذي تبقى من صولات وجولات التجارب السابقة التي كانت تجارب صاخبه بكل ما للكلمة من معنى ؟!

حسين القاصد .. عباس خضر .. دلال اجويد ..وحيد خيون .. وغيرهم كثير يطرحون الشعر خالصا من اي طبول لحرب البيانات الشعرية ..الم تكن تلكم البيانات ,في بعض جوانبها, عبارة عن : حركات انقلابية توازي تعاسة مراحل الانقلاب السياسي وصخبه واداعاءته الى حد التطابق اللفظي بعض الاحيان مع مدعيات الشاعر الجديد؟!

{وهو ما كان يعوضنا عن تعاسة الواقع ,وكنا نشجع بعضنا بفكرة اننا نكتب قصائد ستدوم} , هكذا عبر عن الامر بصراحة صادق الصائغ عن قوالي الشعر في تلك الحقبة حسب ماكتبه تحت عنوان ((تخطيطات اولية في هيكلية الشعر وممارسته))

ولعل حسين القاصد مثله مثل بقية الحياديين عن ظاهرة البيانات ونرجسيات الاجيال واساطيرها المؤسسة , ادرك ان ما يحقق شعرية الشعر هو الشعر نفسه وليس الكلام حوله والادعاء بما هو خارج عنه .فاذا كان الشعر هو هرم منظومة البيان , فلمَ نقوم بتسويقه عبر كتابة ((بيان)) له؟!
وهنا نجد حسين القاصد (=الذي هو مجرد نموذج لهولاء البقية) يطرح شعره كماهو هو,اي شعر يقدم نفسه تحت لائمة كونه شعرا بدون تطريزات لمقالات وحشد تكويمات لغوية , هي زوائد ورتوش بديعية للفت الانظار وربط بنسق قديم لادب الكاتب , ذلك الادب الذي كان اول ادعاءات الحداثة العربية تركه وهجرانه!!
..............

ولنطالع بعض مميزات القصيدة هنا لدى حسين القاصد :

1_ انها رغم حرصها على الانتماء الوراثي في الشكل كهيكل عام , الا انها قصيدة تتخلص من ذلك الحشد اللغوي الذي عرفت به قصيدة الشعر القديم . ولعل الجنوح الى التبسيط والسهولة اللغوية , يجعله حسين القاصد , معادلا يوازي ما بين الحرص على الشكل القديم خارجياً ,بالنسبة لصانع القصيدة , وما بين البساطة التعبيرية , كاغراء للمتلقي داخلياً ,بان ينصت للشكل القديم بانه هو ليس هو. وهذا بالذات يفصح لنا لِمَ يتقارب حسين القاصد من بعض الادوات البلاغية القديمة بينما يتمسك ببعضها في جميع قصائده تقريباً .
فهنا حسين القاصد لايرهب ان يكتب قصيدة موزونة ومقفات في بلد نافح جم غفير من نخبته ليس الاختلاف مع هيكلية القصيدة القديم وانما ((محاربته ومعاداته)) , وهو امر يصدق على بلدان عديدة اخرى . وكنموذج معاصر, يقول قاسم حداد ص90 من كتابه ((ورشة الامل )) مانصه حول نصيحة استاذه في الادب :

{انك تكتب شعراً موزوناً بدون ان تعرف الاوزان , اسمع نصيحتي اذا اردت ان تكتب الشعر لاتشغل نفسك بتعلم الاوزان , لانني اخشى انك ستفقد الشعر اذا شغلت نفسك بغيره}

الشعر اذن هو غير الوزن , لكن قاسم يكمل لنا ص93 رؤية استاذه _ والتي هي هنا رؤيته ايضا_ { كان على سبورة الفصل نص نثري لموضوع انشاء يملأ الحيز , تناول المحادين [= اسم الاستاذ] ممسحة الطباشير وقام بمسح النص في وسط السبورة ليقسم النص المكتوب الى نصفين متقابلين قائلا : هذا هو الشعر القديم ,صدر وعجز , يمكن لاي شخص يحسن البحور ان يكتب نصاً على هذه الشاكلة , ولكن ليس بالضرورة ان يكون ذلك شعراً , انها قيود يكتب فيها العرب منذ مئات السنين , لابد للشاعر الحديث ان يكسر هذا القالب}

وانتَ ترى ان هذا خلط واضح مابين النظم ومابين الشعر , والاوزان التقليدية شرط في الاول وليس في الثاني و لذا (كتوضيح) نقول منظومة ابن مالك في النحو ومنظومة السبزواري في الفلسفه , ولانسميهما قصائد .
وعلى اية حال فان تكتب قصيدة حديثة بواسطة الوزن القديم وتقنع بها الوسط النخبوي , هي بلا شك مهمة شاقة تعد الان نوعا من المغامرة .

2_ بما ان قصيدة حسين القاصد هنا , ولدت في غفلة من ضجيج البيانات وتكتلاتها الحزبية (حيث تحولت القصيدة الى عقيدة وايدولويجا!!) ,فانها بذلك قصيدة لم تورط نفسها لابجدل الحداثة ضد شكل معين , ولا بسجاليات اختيار مقاصد معينة للشعر يقصها ويلسقها البيان التنظيري المقروء من قبل ضباط الانقلاب الشعري ,الذين اختلط في عشواء معاركهم الشعر فعلا ونظرية الشعر تسويقاً .
هذا الحياد سهل على حسين القاصد ان لايجد حراجة بمزاوجة مضامين وتنقلات لم يعرفها الشكل القديم ,وبين النسق التقليدي العام للموروث التعبيري.

3_ هناك حرص على التصويرية ,وهي رؤية اصيلة في نقد الشعر , ترى بان الشعر هو طاقة تصويرية بالاساس , وهذا ماكنا نجده في نصوص سالفة لحملة التجديد , وان كانت نصوصهم اخذت تبتعد عن ذلك شيئا فشئيا بعد زمن ذلك القول , فهذا فاضل العزاوي يقرر حول عدم جدوائية تعريف الشعر في ص 397 مما جمعه عبدالقادر الجنابي في انفرادات الشعر العراقي الجديد :

{في الكتابة عن الشعر لا فائدة ترجى من تعريف يكون مطلقا وشاملا مهما كان الاس الذي يقوم عليه , لان هذا التعريف ,مثل اي تعريف آخر , لايمكن ان يصوغ نفسه بعيداً عن الوظيفة التي تُسند الى الفن , وهي وظيفة لاتتغير من مجتمع الى آخر , من حضارة الى اخرى فقط , وانما تظهر عند كل شاعر وفي كل قصيدة بطريقة مختلفة خاصة بها}

لكن هذه المطلقية سوف يعود العزاوي ويحددها ص 401 بالقول :

{ اعتقد ان على الشاعر الحديث ان يتعلم من الرسام كيف يشكل لوحته ومن الروائي كيف يبني عالمه}, ولعل ذلك هو الذي نحى بالعزاوي ان يقول في البيان الشعري: {يجب على الشاعر عند الغيبوبة ان يحمل معه كاميرة تلفزيونية مسلجة , وعند العودة لابد من عملية مونتاج كاملة}

بيد ان هذه الرؤية تعود الى ان تخرب حينما يكمل العزاوي القول :

{ لامن اجل الوضوح والوصول الى قيمة فنية عالية , وانما من اجل اعداد الشريط لعرضه على شاشة الوعي}, بينما يتممها في البيان الشعري بالقول :

{فالشاعر الذي يطرق عوالم غير مطروقة قد يتحرر من كل شيء ,حتى من اللغة ,لتصبح القصيدة لوحة او صورة فوتغرافية او مجرد رموز ومعادلات او اي شيء آخر}, لكن الفارق بين هولاء وبين الشعراء الشبان هو انه لاينظرون الى اللغة كقيد وانما يراقصونها من اجل الوصول الى ذروة انجاح احتفالية الاحساس بماهو موصل داخل اللغة ذاتها. الامر الذي يفسر وضوح الصورة وسهولة تلقيها مهما كانت مفارقتها (=كأن تكون رائحة ناي او قميص ماء ..الخ) بخلاف تعبيرات الشعراء في المراحل السابقة , حيث انها كانت تحمل صور عسيرة الهضم للذائقة الفنية, وذلك باعتبار ان هولاء شعراء كانوا يستخدمون اللغة بماهو نقيض لها.
بعبارة اخرى ينقلها الجنابي في انفرادات الشعر العراقي الجديد عن تمخضات الشعر سنة 1966 : {..من اجل ان تكتسب القصيدة هذه الطاقة اختارت عن وعي موقفاً جديداً وتحولت الى : اللاقصيده}

لذا فموت الشعر هو ان تجعله مجموعة افكار , حيث عندها سيكون النص نصاً متخشبا ,كما هي نصوص عديدة لاسماء كثرى. فصحيح ما يقوله سركون بولص في ((ملاحظات على الشعر والتحولات الثلاث)) من ان{ الشعر بلا رؤيا لايمكن ان يحل اية قيمة جوهرية من حيث كونه شعراً , وليس لعبة ذهنية او لفظية}

بيد ان خلوا الشعر من الشفافية التصويرية يجعله يقع في النثرية الخالصة مهما حاولنا مراضاة اصحابه بكونه شعراً . وبهذا لايمكن الموافقة على ما اجتهد به عبدالقادر الجنابي من تبجيل لشعر صفته انه { شعر يتسم بطابع التجريد الوجداني عندما لايبقى للصورة في حضرة الافكار شأن كبير} .

الحرص على التصويرية الشعرية لدى حسين القاصد تفسر لنا كل هذا الاهتمام بعنصر ((الوجه)) , فالوجه هو محرض تصويري بشكل دائم , لذا تجد هناك حشد هائل من الوجوه المتعددة لدى الفنان الفوتغرافي احسان الجيزاني ..او الاهتمام بالوجه وجعله بمقياس اكبر من المعتاد لدى الرسام ستار كاووش . ولا يغيب عنا هنا ملاحظة ان الطفل وحده يعرض نفسه بكونه صاحب الوجه الاكبر قياسا بحجم جسمه . هذا الوجه الذي سوف يتصاغر شيئا فشيئا لدى الانسان بمقدار اختفاء ضميره خلف الاقنعة وانفقة الكذب والنفاق والحيل الحياتية , ولعله من هنا جاء قول حسين القاصد في قصيدة استقالة الحلم المكرر :
{ وطني عيونك كنت وحدك خيمة _ زرقاء مذ كم كنت تحتكر السما}

ولنحلاظ هنا في هذا السياق بعض التمظهرات الوجه لدى حسين القاصد :
_{ وجهي ووجهك واحدان _ مازلت محتاجاً لثان
متوازيان ,متى ترى _ يتقاطع المتوازيان }

الى آخر القصيدة التي لايرتضي الان ان يسميها حسين القاصد ((واحدان)) ,فلا يقلب الاثنين الى تثنية , وهذه التفاتة دقيقة اذ الوجه واحد ,لكنه أوحدي فلا نجمعه مع غيره فيندمج ويتوحد الواحد بلواحد فيكون اثنان , هو معنى لايدركه الاصاحب موهبة وتأمل.
_ في قصيدة لؤلؤ الامل المنقى : { فتق الليل بصبح ثم اعمى
مقلة الخوف
واهداني ابتسامه}

_ قصيدة نصف مرأة ,حيث وجه المرأة الاداة الكبرى في توظيفية القصيدة هنا ,القصيدة التي هي دوما انثى لدى العرب بينما الشاعر هو رجل حتى قالوا في وصف قائل الشعر الجيد بانه ((شاعر فحل )) .
يقول حسين القاصد هنا :
{بحاجة لامرأة فاكهة
اذ كل من صادفني
منهن من تدعى امرأة
ماحاجتي لامرأة فارغة العطور
نيئة الكلام}

نلاحظ ان عطاء المرأة صورة الفاكهة ,من دون تسوط اداة تشيه ولو مضمرة , لم تنسي الشاعر ان يعضدها باداة تنفخ الروح في هذه الصورة ,كي لاتكون محض مجاز , وعلى هذا الاساس اتت مفردة ((نيئة الكلام)) .

واستمرارا لاكمال الموقف بعدسة الشعر يكمل الشاعر المشهد { احتاج الى طعم الكمله
ونزعة النفور والحضور ولعبة التمني
والكذب المنمق المدور المعاني
تنقصني رشاقة الفواصل}

انسياب طيف خلط الالوان بدأ بذات المدخل , المدخل كان ((بحاجة)) وهنا ((احتاج)) , المحتاج اليه كان ((امرأة فاكه)) الان المحتاج اليه طعم الكلمة .وهذا يجعل عدسة الشعر تبتعد عما كانت مصوبة نحو وهو المرأة , هكذا يفترض لكن القاصد يستمر بذات اللعة : نص الكلمة , نصف المرأة , نصف الفاكهة .. ثم فلنكمل نحن : نصف الرجل ..نصف اللغة ..نصف الوعي..الخ (= هل يبحث القاصد عن النصف الضائع لقصيدته؟! ).
اي ان الشاعر ما ان يقترب من الكلمة اكثر من المرأة حتى يوصف الكلمة بصفات الثانية , بعدما كان اولا يعطي صفات الفاكهة للاولى (=المرأة) :

{كذب _ منمق ومدور العنى}

{رشاقة الفواصل} والتي هي بذاتها مفردة تخلط الطرفين , الكلمة والمرأة , والمرأة والكلمة.

{ احتاج نصف امرأة فاكهة
ازرعها قصيدة في دفتري
وبعدها
اعمل فلاحاً لها
يمشط الزهور في الحديقه}

استخلاص منطقي لايوجد فيه اي قفز , وكأن الكلمات تلتصق بعضها بعضاً في سقي غصون شجرة واحدة , بلا اي حاجة لاطناب او حشد جمل طويلة او معترضة .
والاعتماد على هذا النوع من الخلطة الالونية نجده بذات الصيغة مع استخدام ذت بعض المفردات كذلك في قصيدة ((صوت شعري )) حيث تحدث القاصد عن الشعر :
{ ينمو وتفاحة التصفيق ترفعه_ الى المذاق ويسمو حين تشطره}

وقس على ذلك قوله في قصيدة البحر القديم :

{ عندما كنت على الاوراق كانت
قطة الاوهام تغفو
في نعيم الذاكرة
كان صوت اسود فوق بياضات الصباح
يحمل الاثقال ..الخ }

هنا لاوجود لادوات تشبيه واسناد , وانما هناك التحديد المسبق لعملية الاحياء , فللوهم قطة والاوراق ارض , ولكي يكون الامر تصويريا يتعاكس البياض بين الصبح والاوراق ,اذن لاقطة هناك سوى المحبرة , وهي صورة شفيفة المعنى تدغدغ اللغة وانسيابيتها مع الرقيب .
وهناك نماذج عديدة قلما تجد قصائد القاصد تحيد عنها فكأن الفاكهة\الوجه , هي ثنائية جوهرية في جميع مايكتبه هذا الشاعر , وتميما لامثله عن محورية الوجه لدى القاصد انظر :

_ قصيدة رائحة الناي من مجموعة اهزوجة الليمون :

{ والناي يكتنز الوجوه بلغزه_ يوحي فيمنع وصفها اسماءا }

_ صلاة البقاء من مجموعة اهزوجة الليمون ايضا :
{ ايرضيك عطر الدموع _ فهل باغتتك دمو عذارى }

اما في مجموعة حديقة الاجوبة فتجد :

_ قول القاصد في حديقة الاجوبة وهو احد اروع ما قاله :

{وانا اتيت ونصف وجهي في يدي _ ابتز اي مشابه كي اكمله}

_ اقوله : {للصوت وجه يرى}

_ او قوله عن الشعر :{ ينام فوق شحوبي حين افرشه _ له فتغتسل وجه النوم انهره}

وكعادة حسين القاصد , فلكي يجعلها صورة حية وليس محض تشبيه , يكمل حديثه عن الشعر بهذه الطريقة مباشرة :
{يشمني ينتمي , يبكي , اجامله_ بوردة الدمع ان الدمع اكثره}

_ او {وما ارتوينا فكم نهر بأعيننا _يجري ,يجف نرائي ثم نعصره}

هنا نجد المفردة تتحول الى كائن حي , بخلاف اعتماد كثرة التشبيه ومحض الاستعارة مثل قصيدة حسين القاصد ((خذني)) والتي هي نقيض ((ضرس السماء)) , فالتصويرية ليست هي محض تشبيه ومجاز واستعارة , وانما هي اعادة تركيب ودقة التفات نحو النموذج ,وليس تقريب شيء لشيء ومناسبته معه ,كما دئب النقد القديم وبلاغته على ذلك.

4_ شعر حسن القاصد هو شعر اخضر , وهي ميزة تضائلت في الشعر الفصيح فلا تجدها الا في الشعر الشعبي او في اللغة الفصحى لكن ليست العربية وانما اللغة الكوردية. وخضرة اللغةهي ميزة مستمدة من الميزة السالفة , فنحن دوما نتجول في حديقة ((حديقة الاجوبة )) ,و اهزوجة الليمون .., وكأن القاصد يعمل بوصية ((ريلكه)) بان على الشاعر ان يقترب من الطبيعة ويقف امامها وكأنه يشاهد مناظرها للمرة الاولى ,لذا تجد في منجز القاصد عملية زراعة حروف مستمرة :

{ ستزرعني ويقطفني جفاؤك _اذا ما استاء من وجهي فضاؤك }

كما تقول قصيدة مسافة الاحلام في مجموعة اهزوجة الليمون:

{ فزرعت في شاطي الفرات قصيدة _ مفطومة ورسمتني اثداءا }

كما في قصيدة رائحة الناي في ذات المجموعه:

{ حدائقي في شتاءات مؤجلة _ تشكو التلاق خريفاتي بأسمالي}

او : { وكان فصل ربيع الموت محتفلاً _ بحنطة الشوك في انحاء اوصالي }

كما تقول قصيدة ارجوحة الحلوى

بينما في قصيدة الطين ذنب نائم :
{ زرعوا ملامحهم بغابة صبحهم _ ذبلوا بمزرعة البكاء مواسما}

وفي قصيدة موسم التفاح يقول القاصد : { موسم التفاح في شفتي مزدحم الحضور}

وينقل لنا عن ((حكايات جدتي )) القول :
{ وبعض فاكهة الامال تجذبنا _ لها ونخشى فكم من الامال اكلوا}

وهذا يدل على ان مجموعة ((اهزوجة الليمون )) جزء متمم للمجموعة الاولى ((حدائق الاجوبة)) , الامر الذي يفسر مسألة تكرار بعض النصوص في كلا المجموعتين .
وهذا يعني ان هولاء الشعراء الشبان الجدد يرفضون ان ينطلق الشعر من كون مهجور(=انظر صيغى المدح لذلك عند الجنابي ص18 حينما يصف بعض شعراء الحاقبة السالفه) , وانما هناك شاعر غني يتغنى ويتفاعل مع واقعه ,فليس التمرد هو الهزيمة والنكوص بنصوص تتمحور حول فراغيتها بكونها تحمل اسرارا , حتى غدى الشعر لدى البعض وكأنه تعويذات سحرية او تكويمات لجمل مبتورة ناقصة, او مجموعة صراخات لاتعكس لغة وانما سلوكالا .

5_ تتميز القصيدة لدى حسين القاصد (والمجموعة التي تعمل بذات الرؤية ) بانها قصيدة تنطلق من الوعي واليقظة وتنتهي عندهما ايضا , وهذا بخلاف كل ذلك الحرص من قبل اسماء المراحل السالفة الذين كانوا يقررون القصيدة حالة من الغيبوبة والفقدان والاستلاب النفسي , والانتهاء على ذات الشاكلة , او بتعبير صاحب البيان الشعري فاضل العزاوي :
{المفتاح الاول الى الحلم [=الشعر] هو دحر سيطرة العقل الواعي وتخديره}هذا التخدير ليس مجازي كما قد يتبادر اول وهلة , وانما هو دعوة مفتوحة صوب المخدرات والحشيشة وغير ذلك , كما يصرح بذلك العزاوي من دون اي ارتياب فداءا لكل ما قد يثري العقل ويذبحه قربانا ًلهذه الحداثة !
.............................

لكن لِمَ المشي على حبل الشعر بهذا الطريقة وترك طريقة مشي حرضت علها اقلام متكتلة جيل فجيل حتى غدى كأن هجران ذلك هو هجران المعنى الشائع للثقافه؟!

في محيط موبوء باورام نرجسية تخلفت عن قفزات في استيراد المفاهيم ,وانقلابات سياسية واقتصادية , تركت المشغل الفني يترنح في تنظيره للبطالة ,بل والتبجيل لها ولصعاليكها , والترنح باستيهامات تأملات ناقصة .. في هذا المحيط نجد لدى حسين القاصد ذلك العزوف عن المشاركة في الحفلة واعراس الفراغ , حيث لاتجد تلك السجية التي تعودناها طيلة العقود السالفة ,حيث يتحرك الكاتب بجوقة مصاحبة يتبادل هو واياهم العزف للاخر والردح الملفت له , وكأن حسين القاصد وهذا البعض الجديد الذي معه , يقدم عودة الى لصق شطري الوجه مرة اخرى مابين الشاعر والشعرية , وليس بين الشعر والشاعرية , حيث انفصل الشاعر عن شعره طيلة احقاب متتالية ,حتى بات المشغل الشعري لون من الوان الانفصام مابين الشاعر وحياته الحزبية وسلوكيته العسكرتارية او تكتلات المقاهي والنوادي (او غير ذلك اي كان) ومابين شعره الذي بات كأن كل وظيفته هو تعويض سلبيات السلوكيات الفعلية للشاعر ويومياته المبوءة بالقبح وكل ماهو نقيض لادعاء بكون الشعر رسالة (=بل اولئك كانوا يطرحون الشعر دوما على انه جزء لايتجزء من البنوه!).

شعر حسين القاصد شعر واضح وشفاف ومعتزل بنفسه عزلة طفل منشغل بالعابه وطريقة ملابسته وقراءته للعالم بادوات البراءة والموهبة الداخلية والاندفاع الفطري , بسجية صدق المبادرة او تلقيها , لذا اتسمت القصيدة هنا بانها سهلة سلسلة جدا لكنها صعبة ايضا .

عليه لم يكن غريبا ان يكون حسين القاصد في منأى متعمد عن الرد على يؤذيه او يتناقض معه , او ان لانجد لديه طبل كونه صاحب ((مشروع)) او ريادة ما , هذا الكلمة التي لااعتقد ان حسين القاصد سوف يقترب منها ما عاش , لكونها كلمة بددت الادب , وكبدت خسائر كثيرة للشعر طيلة عقود سالفه , جواب حسين القاصد مقتضب هنا عن كل ما يمكن ان يخرجه من قفص الشعر الذهبي :

{فالجرح اوله النزيف وآخر _ المعنى بكاء وادعاء خامل}

وهو نسق ترعرع في وحل تنازعات اجتماعية وسياسيه, كان له الاثر البالغ في تحميل احكام لغير موضعاتها ,حيث يتم الحكم بالاجتماعي على الحرفي , وبالسياسي على الادبي , وبالديني على الفني وهكذا .

وهو مأزق لم اجد من يقدم شجاعة الاعتراف به سوى عبدالخالق كيطان في ((ملاحظات اخرى في الشعر والحياة)) , حيث يقول :

{ عشنا وتربينا على صياغة نصوص تقع في احدى خانتين : تملق الديكتاتورية او مقاومتها فماذا سنفعل اليوم وقد غابت الديكتاتورية الى الابد ؟!}

ونحن وان كنا نرى بان الدكتاتورية هي ظاهرة وليست اشخاصا , وبالتالي فهي غير قابلة للزوال الابدي وانما هي مخلوق يتنقل بمثل الاستنساخ الهندي من الاموات الى الاحياء بشكل متعاقب بصور شتى , لكن هذا لايدفع ان السياسة باتت ورطة الشاعر في بلد خُلق مظطربا منذ اول الخليفة , فكان الشاعر اما يمارس الشعر مترسا سياسيا , واما هارب منها كجندي متخلف عن معسكرات الحروب , فكأنما لاخيار بين الموت بوهم الشهادة في بيانات السياسه, او الموت بوهم الشهادة في معارك بيانات الكتابة .
والمأزق اذ يعتمد على جمع متناقضين في ساحة واحدة , فانه يجبر على اعادة التأمل في تلمس طريق ثالث لايجعل الشاعر والمثقف كياناً متعالي او هارب من الواقع فيكون العمل الثقافوي تبرير ومترس للجبن والخيانة , فيكون المسعى محاولة في ان نربح النص بخسارة الكاتب .
ولا بجعل الشاعر موظف حكومي وببغاء ومهرج اجتماعي او ديني , يدور نصه حيثما دارت المؤسسة السياسية والدينية ,والرغبات الاجتماعية , فيكون المسعى محاولة في ان نربح الكاتب بخسارة النص.

من هنا بدأت ظاهرة العودة الى القصيدة بهموم الواقع ومسائلته, كرؤية ولوحة اشكال معاً ,فلا ضياع للمعنى او محاولة توهيمه او التوهم به ,ولا الانزلاق بتحميل القصيدة مقولات انظمة انساق اخرى لاعلاقة لها بالشعر كأن نقول مثلا ان قصيدة فلان ديمقراطية! , فهذه وغيرها قراءة لماهو شعري بما ليس منه وكفى بذلك ارباكاً ان لم يكن عملا مغلوطاً من الاساس .

العودة هنا الشِعر باعتباره احد الفنون لذا كان مشغله ماهو عام ,اذ لامعنى للقصيدة السياسة _ مثلا _ الا بكونها مباشرة (لابكونها تتحدث عن امور مرتبطة بالسياسه) وماهو مباشر سيكون عادي مناقض للفني .

مثل هذه العودة بركيزة الفن يمكن لها ان تجعل المثقف فاعلا في واقعه من دون اي يعني ذلك هدر البعد الفني في النص (=كما حصل مثلا لامل دنقل مثلا بينما تبقى هناك قيمة فنية عالية في شعر ازرا باوند رغم انه ليس يقدم رؤية ساسية فقط بل هو شعر يمجد حتى الفاشية ) .

يمكن للشعر ان يلامس السياسة والراهن المعاش فليس الفن هو الانفلات والصعلكة والهروب اللغوي , ولا هو بوق لايدولوجيا سابقة مكتملة تنتظر من الشعر الا ان يكون جسر يحشد سواد الناس حول سواد راياتها ولافتاتها , فتنمحي الصورة الفنية ويتم السقوط في المباشرة والنظم السابقة على شعرية الشعر .

..................................

هناك ورطة اخرى حصلت في الوسط الشعري (= او قل في السوط الشعري ) لاتقل عن ورطة المأزق السياسي السالف , الا وهي ورطة الاقتراب الى التراث الصوفي .
فمنذ صعود الحركات الجديدة في الشعر تنامى الارتماء بحضن الانساق الصوفية الى درجة الانبهار او مايحق ان نسميه بـ الانسلاب , وكأن كل ماهو صوفي بات شعري (=يكفي ذلك التنظير العجيب لخزعل الماجدي والذي هو اغرب التنظيرات على الاطلاق) . هذا الاهتمام الذي لايتحمل اودونيس فتح بابه وحده بدون الفات النظر الى ان الادب الغربي احتظن هذا الامر بشغف بعد بلوغه مراحل من التطور التكنلوجي والسلعي وتبدل الوعي بالانسان كفائض قيمة او انه القيمة الوحيدة , وانما لكون التراث الصوفي العرفاني هو كل ماتبقى لدينا يثير اعجاب الغرب , ذلك الاخر الذي هو مقياس الذوق والوعي والحرية ايضا ! .

فاذا ما اضفنا ذلك الحصر النفسي الذي عاش ولازال يعاني منه الانسان في الشرق بسبب القمع الاجتماعي والديني والسياسي ( بل كثير من الاحيان تتحول حتى الثقافة الى نوع من الارهاب والقمع كما هو حال طرح القصيدة الموزونة اوالتي بغير وزن فكل طرف يرهب الاخر بانه خارج الادب) , سنعرف ان الشاعر وجد في هذه النصوص شبة جنة خلاص, ليس من السياسة والدين والواقع , وانما ايضا سهل عليه الافلات من تقديم اي تعريف يحدد ماهو عليه المشهد الجديد للشعر او مابات يسمي نفسه بذلك .

وحسين القاصد يمثل هنا نموذج لشعراء عافوا الاقتراب لهذا التراث , واثبتوا ,الى درجة النكاية , بامكانية تحقيق القول الشعري بدون هذا الارتماء .
وبهذا فليس من الصحيح ابدا ما قاله جملة من الناقد حول شعر حسين القاصد من ((ان هناك لمسة صوفية واضحة)) , لايوجد اي مسحة صوفية ليست ((واضحة)) وانما غير موجودة على الاطلاق .

بذلك كله استطيع القول بانه اذا صح قول احسان عباس في كتابه ((اتجاهات الشعر العربي المعاصر)) من الحركات الشعرية الجديدة حولت الشعر الى ماهية اخرى {ذلك ان بتأر من السريانية قد جدت اشياء كثيرة في النظر الى الشعر ومهمته , اذ لم يعد الشعر صورة من صور الادب بل اصبح شيئا مستقلا } فانه يمكن ان نقول ان حسين القاصد ومجموعة شابة شبيهة له , باتت تدرك ضرورة العودة بالشعر الى الادب , وعند ذاك يتاح لنا القول بان هنالك ثمة قيمة ادبية , وليس فلسفية او فكرية كما تريد بعض الامصال الحداثوية ازراقه بعضلة الثقافة العربية والشرقية .

الشعر في هذه التجربة , شعر حافي من معارك تكتلات شخصانية تتمترس باللغة والتنظير نصرة لمآربها غير المرتبطة بالادب والشعر , .. هنا الشعر نقي عن صراخ نرجسي كان ينافح صراخ الجرنال دوما(من دون ان يعني هذا ان القاصد والاخرين تخلصوا من هذه النرجسية والانوية على العكس فهناك مايدل على وجود تشظياتها خصوصا لدى القاصد, لكن مايخفف الامر ان الشوط بعده في اوله اولا , وان هولاء يبتعدون عن الضجيج وتدافع الاكتاف) .. واذ يكون الشعر امامنا حاف هنا , فانه يتاح لنا ,لا اقل ,ان نقول ان ما نرتديه هنا من قميص لغوي ,هو:
الشِعر ذاته او بداية العودة بان يكون كذلك .

alnemer_1980@hotmail.com

(سدني - استراليا)
17/12/2005

الشاعر والجرح العراقي - حسين القاصد كما عرفته

نقلا عن موقع كتابات
الشاعر والجرح العراقي - حسين القاصد كما عرفته
هيثم الزبيدي
دخلت الى كلية الآداب بعيد سقوط الصنم الذي كان صاحبه قد اطلق لها السيف، فوجدت الفجيعة والدخان والركام الذي خلفته حملة الحواسم التي نفذها زمرة من خفافيش الظلام. كان طعم المرارة يطبق على كل شيء . . ومن بين ذلك الركام، لاح لي بيت من الشعر الذي خطته يد عراقية اصيلة، ليشي بحرقة القلب المخلص للشاعر الذي كتبه:
امضيت عمري فيه تحت المطرقه
لم انتظر وطني يموت لأسرقه
لم اعرف صاحبه حينذاك ولكن هذا لا يهم، فثمة عراقي شريف، وهم اكثر من المطر، اعتصر قلبه الماً فراح يستنهض الهمم لأستنكار الفعل المشين واحتقار فاعليه. شعرت حينها ان العراق بخير، وان صبحه سيتنفس، وان فجر الشعر والشرف والكبرياء آت لا ريب، وان تلك القيم لا تبرح مكانها فيه. حينها لوحت بوارق الامل بأن وطن كلكامش سينهض اعلى مما كان. فوسط ذهولنا لهول الصدمة التي جعلتنا لا نجد كلاما ولا شعرا يوازي حجم الكارثة، انبرى حسين القاصد، وهذا هو اسم صاحب ذلك البيت الشعري، ليكون اول الملقين،متحديا كل الخطر الذي مازال محدقا آنذاك بالجميع، وكان اول الخارجين من الصمت الذي اطبق على افواهنا . . . ليس هذا فقط بل انه زاد في اسهامه باستنهاض اقرانه، ليبادر في حماية ما تبقى واعادة الامور الى سابق عهدها من خلال تنظيم ثلة من الطلبة الخيرين الذين نظموا حراسات للجامعة لحمايتها من السراق ومن اعداء العراق. واشار ايضا الى موضع الجرح وراح يفتش عن سبيل للعلاج
هم امركوه وباعه البطل الهمام
بدرهمين وما تبقى احرقه

اعجبني كل هذا فرحت ابحث عن هذا القاصد فوجدته اسمى مما تخيلته ان يكون.. ادب جم وايثار ودماثة خلق ونزاهة ومصداقية جعلتني اشعر بالاعتزاز لمعرفتي به، وهكذا كان دائما امامي وامام الجميع. اذ يعرف الجميع انه رغم امتلاكه ادوات الشعر بكافة ضروبه، ورغم الفاقة التي عشقته ، لم يدنس قلمه الشريف ليرتزق من اي جهة كانت، كان زاهدا في الصكوك الصدامية في حين تسابق البعض للحصول عليها، ما كان طائفيا قط ، ولا مرتزقا ولا عدوانيا، بل هو شاعر حقيقي وانسان حقيقي، تنطلق من حنجرته عصافير الامل والطيبة كما تنطلق منها جوارح الكبرياء . وما اثار استغرابي حقا ان اجد ان البعض يهاجمه ويصفه بالطائفية ويصوره على انه وحش كاسر يهاجم اخوته من الشعراء. ما عهدته هكذا ولا عهدت شعراء العراق الرائعين بمثل هذا، ولا اعرف لمصلحة من يقوم بعض اخواننا في الكلمة بالتعريض ليس فقط بحسين القاصد بل بجسد الثقافة العراقية التي وصفها احدهم بالمشلولة الكسيحة ووصف شيخنا الرائع ناظم السعود بانه المعافى الوحيد في جوقة المثقفين العراقيين. لا وكلا ، ان السعود نخلة باسقة وسط بستان من النخيل الباسق الذي يطاوله السعود و يحفزه على العطاء كما يتحفز به ومن خلاله ليديم احدهما الآخر... ولا يرضى السعود لنفسه ان يكون قامة بين الركام.. ثم لماذا هذا الانتقاص من الثقافة العراقية ومن الجامعات العراقية والابداع العراقي؟؟ لمصلحة من؟؟ وبكم ؟؟
بقي ان اقول ان من في نظره قصر لا يمكنه من رؤية جامعتنا التي ابت الا ان تتصدر العلم والمعرفة ، وابداعنا الادبي العراقي الذي يشهد له الجميع بالتفوق، عليه ان لا يصدر الاحكام غير المنطقية وغير السديدة وغير الموضوعية. . ان كان العراق لا يعجبكم الى هذا الحد اذهبوا حيث شئتم ولكن اذهبوا صامتين خير من اطلاق الانفعالات التي تفتقر الى الدقة في كل شيء.
اخيرا اقول لحسين القاصد ولجميع القامات العراقية الشامخة: طوبى لكم . . . وشكرا لكم. . شكرا لك ياحسين القاصد يا من لم تسقط لا من الياسمين ولا من البنفسج الذي يحترمك كثيرا. . دم كما انت باسقا واهطل بتمرك على رؤوس من يقذفونك بالحجر . . واقول للعراق الجليل:

طوبى لوجهك لا يغيبُ
يستحي منه المغيبُ
طوبى وكم يتربصون ليوم صلبك
كلما رفعوك
ينكسر الصليبُ.

saysabanahk@yahoo.com

12/1/2005

صلاة البقاء




صلاة البقاء


ايرضيك اني يبست انتظارا
ظميا ابوس اكف الصحارى

ايرضيك والناي عطر الدموع
فهل باغتتك دموع عذارى
اما كنت تدري بان الضباب
غشاء يغطي عيونا حيارى

فما كنت يوما تجيد النساء
كلاما لماذا تبوح انكسارا

اما كنت نهرا فكيف احتراق
على ضفتيك يغيض الجرارا

فسبع بقين من الاربعين
انهيارا وانت تفوح انهيارا

دهست ارتباكا فقل للذين
ارادوك ميتا فعشت انتحارا

رجائي الوحيد صلاة البقاء
فلا تقربوها وانتم سكارى

اخاف عليها اذا تستفيق
وليس نهار الكلام نهارا

اخاف على العطر حيث الرياح
على جانبيه تنث الغبارا

سابذر عمري في واحتيه
وافرش بوحي عليه ازارا

سابحر يوما بهذي الرموش
وذات صفاء ساجني الثمارا

وندي علي لكي استعيد
حمام هدوء اثير فطارا


وانت بقربي اهز المدار
فاصطاد من مقلتيك البحارا

وانت جواري يكون الخضار
ذراعي وتغدو الزهور سوارا

وانت جواري يجف الكلام
لان العيون تجيد الحوارا
صديقة صوتي وانت جواري
بحق العذوبة صوني الجوارا
احن الى (وحدك) كيف بي
تعالي بدونك كي لااغارا

حسين القاصد... جنون وشعر وطيبة


نقلا عن موقع كتابات
حسين القاصد... جنون وشعر وطيبة

اشرت فيما سبق في مقالي المعنون( كافكا المناضل) الى مجلة أريج الكلمة التي كانت تصدر عن قسم اللغة العربية في جامعة بغداد واشرت الى اغتيالها بالمهد ووجدت رسالة من احد القراء يسألني عن رئيس تحريرها وقتذاك قلت له سأكتب مقالا عنه وستعرفه!!!
رئيس تحريرها هو (ابو علاوي) الذي يحمل اسم حسين القاصد وهو شاعر عراقي مبدع ولد عام1969 وهو شاعر عمودي صارم اضافة لكتابته النثر والتفعيلة, صدرت له مجموعتين شعريتين(حديقة الاجوية واهزوجة الليمون) تتسم قصائده بميزتين هما:
1- قمة الشعرية التي يصل اليها احيانا وبالصور الشعرية المكثفة وجمالياتها وسوريالية شفافة فمثلا هو يقول في احدى قصائده(الف ليلة وليلتان):
مـضـوا يقطفـون زهـور الـدخان ولم يشهقوا غير خوف ففاحوا
همُ آخـر الـطـــــــعم الياسمين على الـنـحل حـطـوا فـطـار الـلـقـاح
فـمـا يـكـتـبـون وثـلـج الـكلام يـذوب فـيـمـحـو سـنـاه اجـتـيـــاح
و حـيـث تـسـاقـط ريـش الـضـيـاء نـــــــمـا لازدهـار الـظـلام نـبـاح
ففي هذه الاربعة ابيات تجد تسع صور شعرية وليس في هذه القصيدة فقط بل في اغلب المجموعتين.
2- قربه من ذهن القاريء وبسيط وبعيد عن الامور الشائكة ودهاليز الشعر فهو يصل الى بساطة احمد مطر ونزار قباني في بعض الاحيان:
الحرب اوراق واهلي محبرة في كل بيت نسخة من مقبرة
انوفر الاطفال؟ اي ضريبة ثمن سعادتنا لشيء لم نـــره
وغيره.
ولكن ما يدهشني في حسين القاصد (ذاتيا) هو انتمائه للعراق وشبيه به الى حد كبير!!!! وقد تتسائل كيف فأقول:هو ثائر ومغامر وطيب و(گلب سمچة) كما تقول جدتي!! ,غني وفقير مجنون وعاقل اما عن انتمائه فهو عبر طريبيل عدة مرات لكنه لا يلبث الا ان يعود ليلقي قصائده في اتحاد الادباء او البصرة ويعود لبيته المستأجر طبعا!!فقد ذكر د.حسين سرمك حسن الذي يحلو لي ان اسميه (عرّاب الادب العراقي) في مقالته :العودة الى العمود الشعري علامة عافية ام نكوص؟"(حسين القاصد عاش مع عائلته في غرفة خانقة حارسا لاحدى المدارس الابتدائية ,مدرسة حفظته حارسا فحفظها شاعرا وهو اول مواطن لم يسرق تحت التهديد بعد احتلال بغداد المحروسة بالله ".
اما بالنسبة لي فهذا هو حسين القاصد الذي عاصر النظام السابق بل ربما شارك في حروبه الرعناء ,الا انه كان يستطيع ان يسكن في قصر لا في غرفة في مدرسة ابتدائية وكان يستطيع ان يجلس في بيته مكتفيا بقصيدة بالاسبوع ليأتيه مليون دينار -في ذلك الزمن- الى بيته وحتى ان سقط صدام يستطيع ابو علاوي ان يختلق عذرا كأي شاعر صدامي الان...!!!.
لكنه وان لم يمدح القائد الضرورة الشعرية فهو لم يكف ان يحارب مواربا فأنني اذكر عثوري على احدى القصاصات في اوراق ابي وفيها قصيدة لم تتعد العشرة ابيات واعتقد ان اسمها الميلاد فيقول في البيت الاول:
البر اثم والحلال حرام والدين طفل جائع سينام
الخ
لكنني دهشت(وهذا القول في زمن النظام البائد) لما قاله في عجز البيت الاخير:لا نفديك يا........ والفراغ واضح طبعا واذكر انها مؤرخة في 28/4/1998 واذكر ان تحتها جملة "في عيد ميلاده الميمون(اضف لمعلوماتك ان لفظة ميمون في اللغة الفارسية هي القرد!!) اما مجلة اريج الكلمة التي اخبرني عنها احد الشعراء طورد من اجلها حسين القاصد واثيرت حولها ضجة وتشكلت لجنة(اتذكر هنا قول احمد مطر:وكل عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلالة واللجان!!)برئاسة احدالبعثيين ولم يفلح حسين القاصد بوضع الناقد الكبير المرحوم د.عناد غزوان كمشرف عليها كشخصية جامعية لها وزنها ,لم يفلح تصرفه هذا بعدم اغتيالها.
سقط صدام فكتب حسين القاصد:
قضيت عمري تحت المطرقة لم انتظر وطني يموت لاسرقه
هم امركو وباعه البطل العظيم بدرهمـــــــين وما تبقى احرقه!!
كتب هكذا بعد السقوط او بزمن(التيه او الهيتة) ,اضطر حسين القاصد الى العمل كمصحح لغوي وكصحفي(الصحافة مفسدة الادب:طه حسين)اضطر حسين القاصد ان يحرس مدرسة وهو الشاعر المبدع الذي لا اتخوف ان اصفه مدرسة هو الاخر!! ربما اضطر للذهاب الى عمله بالـ(كوسترات) لكن الكثير من المتشاعرين العرب تأتيهم سيارات الى ابواب قصورهو وخدم ووووو....الخ.
تجد في قصائد حسين القاصد الوجع والحزن والبساطة فهو لا يتوان عن ذكر مفردات شعبية او تحويراتها(وهو استاذ التحويرات) مثل:
امرأة هنا للبيع (للتبديل)
وفي نفس القصيدة:
امي على التنور مات رغيفها
ويقول ايضا:
قبضوا على المال المغادر دون إذن من قريش إلى جيوب الباعة (المتهجولين(
ويقول في قصيدة عندما يكذب الخبز:
الله بالخيرالجميلة هل ترددها هناك ومن بصوتك يطربُ
والان عذرا يا اغاتي كلهم
علموا بصدقك لايطال فكـذ ّبوا
وغيرها الكثير الكثير.
لدي كلمة او هي مجرد رأي لماذا نحن شعب لايحترم اثنين:مبدعيه وشهداؤه؟فلماذا لا نعلم قيمة حسين القاصد؟عمر السراي؟ مجاهد ابو الهيل؟ياس السعيدي؟جاسم بديوي؟مروان عادل حمزة؟الخ
ان اشد شيء المني وانا في منفاي-ايران- هو ان كل زقاق مسمى بأسم احد الشهداء (شهداء الثورة او الحرب مع العراق) اما الساحات والميادين فهي للمفكرين مثل ميدان شريعتي, ميدان فردوسي, ميدان سعدي وغيرهم.
فمتى نرى ساحة حسين القاصد؟شارع عمر السراي؟ حي الشعراء؟ او او او.... فهل سعدي الشيرازي يصل الى مرتبة حسين القاصد؟ ام فردوسي الى عمر السراي؟ لا ولكن العراق بلد لا يصل الى ايران باحترام المبدع.
حسين القاصد الان هو محرر لاحدى الصفحات الثقافية اليومية وهو لا يستطيع الذهاب الى حي العامل لانها خطرة عليه كصحفي وبغداد خطرة عليه كعراقي والعراق خطر عليه كشاعر.
الله يساعدك ابو علاوي....!
علي وجيه عباس
Alialmosawy2007@yahoo.com

القاصد يرثي سادن الماء للدكتور حسين سرمك

نقلا عن جريدة الزمان الدولية بطبعتها العربية 2008/05/11القاصد يرثي سادن الماء المقتول بالعطش نزوع شعري لاطفاء القلق من الموت د. حسين سرمك حسن
هذه قصيدة ترثي (أور) المدينة العراقية العظيمة التي أحرقها العيلاميون بعد أن وصلوا أسوارها التي بناها (أور - نمو) عالية (كعلو الجبل المضيء) وبعد انقضاء عدة سنين، عندما أصبحت (أور) مدينة مزدهرة مرّة أخري كانت فاجعة دمارها تُذكر بالأسي وترثي بألم من قبل السومريين الذين اعتبروا خرابها كارثة وطنية... وهكذا يمتد علي أرض الرافدين، ومنذ فجر التاريخ نشيجٌ دامٍ متواصل، وحبل أسيً ودموع، ورثاء غليظ يصل قلوب ووجدان الأبناء الممزقة في عام 2007 بأرواح الأجداد المثكولة التي كتبت بمداد انسحاقها هذه القصيدة قبل (4000سنة) في لونيها المفضلّين هما: الأحمر والأسود، وليس علي طريقة (ستندال) في روايته الشهيرة بطبيعة الحال. بلاد كانت الآلهة فيها تبكي مشفقة، وهي تخلق الإنسان الأول فيها وتتساءل: في أي أرض سألقيك؟ وأيّ عذاب ستتحمل؟ وفي أيّ جحيم ستصطلي؟ .ولـيس غريبـاً أنّ شـعراء العـراق المقتدرين قد حملوا الراية، راية الرثاء، وصانوا الأمانة بمثابرة وحماسة، ماداموا يقفون محطّمي النفوس ومحبطين وهم يرسلون النظرة نفسها التي نظر فيها الشاعر السومري القديم إلي مدينته (أور) وهو يسطر بدموعه مرثيته الشهيرة تلك.حديقة الأجوبةومن بين الشعراء العراقيين الذين حملوا راية الرثاء، وصانوا أمانة الخراب الشاعر "حسين القاصد" في قصائد كثيرة ضمّتها مجموعتاه الشعريتان (حديقة الأجوبة وأهزوجة الليمون). وفي قصائده الأخيرة المفردة وهي كثيرة، لأن "القاصد" من أكثر مجايليه غزارة وغنيً ورصانة امتلاءً، سأتوقف هنا عند آخر قصائده - وهي ليست الأخيرة قطعاً - وهي قصيدة (سادن الماء) والتي أهداها إلي الإمام العبّاس (عليه السلام). وبين العنوان والإهداء يؤسّس "القاصد" مفارقة محكمة وذكية حيث نتذكـر - تاريخياً - أن محاولات الإمام في جلب الماء إلي عطاش الطف قد أجهضت كلّها، ولكنه يبقي - واقعاً خلودياً ووفق رؤية الشاعر الكونية - سادن الماء.. ماء الموقف الاعتباري والوفاء الاستشهادي اللذان جعلاه يرسخ في ذاكرتنا الجمعية كأنموذج متفرّد لخذلان لم تشهد مثله مراثي أرض سومر كلّها وهي الأكثر كماً في تاريخ العالم.. خذلان الماء.. وانخذال "الفّرات" في لحظات حاسمات مدوّيات جعل دوّيها الرهيب الشهيد عطشاً يذكر كسادن لماء الآمال المحبطة ويباس الضمائر الميتة كلّما ذكر الماء والعطش: "بدأتْ وكان الموت ُ الفك - ومضتْ وظلّ الموت خلفكونزفت ثم نزفت ثم نزفت ثم -... فكنت نزفك"ويبدو - من خلال المتابعة التحليلية لقصائد "القاصد" لاحظ الجناس النسبي بين القصائد و"القاصد" التي كتبها في الرثاء ومنها هذه القصيدة؛ إنها محكومة بنـزوع ملتهب لتحقيق الديمومة وإطفاء نيران قلق الموت.. وهو نزوع متأصل الجذور في تربة الروح العراقية حيث كانت أول محاولة - ليس علي ضفة الأرض حسب بل في تاريخ البشرية كلّها - يجعل الموت خلف ظهر وعي الإنسان هي السعي البائس والجسور في نفس الوقت الذي قام به التعرّضي العظيم "جلجامش" الذي زرع بذرة التمرّد علي حكم الآلهة التي حكمت لنفسها بالخلود، وعلي الإنسان بالفناء، كما قالت (سيدوري - الشباب الدائم) صاحبة الحانة لجلجامش لتثنيه عن عزمه. هذا العزم الذي سمّم أرواح أبناء الرافدين فباتوا يسقطون نزوعهم "المدّمر هذا علي نماذجهم الخلودية: (يكفيك أن حملوا السيوف ليقتلوك فكنت سيفك/ هل كنت نزفك؟ كنت سيفك؟ كنت أنت؟ وكنت وصفك".وليس اعتباطياً أن يزاوج "القاصد"بين الماء والدم والجرف والنـزف مادمنا قد قرّرنا الأعماق البعيدة.. البعيدة جداً.. والغائرة في تربة اللا شعور الجمعي والتي تماهي بين الماء والدم الذي خلق منه الإنسان العراقي الأول - راجع أسطورة الخليقة البابلية، أمّا أسطورة الخليقة السومرية فستفجؤك بأمر أكثر إدهاشاً وإثارة للصدمة حين تشير إلي أن العراقي الأول - آدم الأسطوري - قد خلق من دم فقط!!
"النهر جرفك وهو كفك.. كيف كفّك صار جرفكومدّدت طولك بانسكاب.. كنت تعلم كيف تُّسفكهل كنت تسفك؟ كيف تسفك؟ كنت تسقي الأرض نصفك"
ويهمني هنا أن ألفت نظر القارئ إلي ظاهرة في غاية الحساسية وهو أنّ الشاعر قد استخدم (40) أربعين مفردة تنطوي علي حرف (الفاء) في قصيدة تتكون من (19)تسعة عشر بيتاً فقط. وقد جاء استخدام هذا الحرف وفق "حتم لا شعوري" لكن ليس علي طريقة البنيويين القسرّية.- وهؤلاء يدينون لدي "سوسير" بقوانينهم.. ولكنني أتساءل عرضياً كيف يجوز "لسوسير" أن يضع ثلاثة قوانين للّغة وهو يعتبر العلامة اللغوية علامة اعتباطية؟ هل يجوز وضع قانون لشيء اعتباطي( راجع كتاب العلامة العراقي الراحل ( عالم سبيط) ( الحل القصدي للغة )؟ وحرف الفاء في معانيه وإيحاءاته - النفسيّة يعني اللفظ - لفظ الشيء أو طرحه - والتأفف والزفير.. والنـزف الذي هو شقيق العطش.. لقد طفحت في القصيدة مفردات تفحّ بحرقة - والفحيح فيه "فاء" من جديد - مثل: النـزف.. السفك.. الحتف.. الطواف.. السيوف.. التفخيخ.. النفس..إلخ.."
ليظلّ نصفك للفرات فما يزال يعيش طفّكإيْ ما يزال.. وذاك أنت مفخّخاً تجتاح حتفكوتفتش الشهداء عن نفسٍ ظميّ ودّ رشفك"
تكاثر معاني اللغةوأنت تلاحظ - أيها القارئ - أنّ حرف "الفاء" يتكرّر هنا ثماني مرّات في ثلاثة أبيات فقط.. إنّ الحتم اللا شعوري الذي نتحدث عنه هو "إطار - Context" يصوغه الاحتدام الفائق بالموضوعة التي تشعل لحظة التجلّي والانفعال الصوفي بالمشهد.. المشهد المثير والمحفّز.. ولكن هذا الحتم خلاّق وباهر في خياراته.. لاحظ أنّ الإنسان كلّما تكلّم يطرح أشياء تفوق ما يعرفه.. فمن أين يأتي هذا الفارق؟.. يأتي من اللاّ شعور الذي يوفّر التربة لتكاثر اللّغة ومعانيها.. لاحظ أيضاً أن شرح بيت الشعر يكون دائماً أطول من البيت نفسه.. مثلما يكون تفسير الحلم أطول من الحلم نفسه.. لكن حلم "القاصد" في قصيدته هذه متطاول وفي غاية الضراوة الواقعية في حين أن الحلم يوصف بأنه جنون وحيز.. وإلاّ كيف سيحمل الشهيد - سادن الماء، يديه بلا يدين؟:"احمل يديك لأنّ صدق دموعنا يحتاج عطفكاحمل يديك بلا يدين وأطعم الأرواح لهفكنهران يفترقان عن سفح، أكان الماء كتفك؟"ولكن هذا ما حصل فعلياً في تفصيلات الموت الواقعي المنقول عن الشهيد - سادن الماء - الذي لم يرتشف من الماء شيئاً.. وإذا عدنا إلي الحتم اللغوي اللا شعوري الخلاّق فإن مقابلة حازمة بين معاني الكفّ - وراجع لسان العرب لابن منظور - ستريك التضاد الموجع الذي تخلقه الإيحاءات التي تتعايش بخلاف آسر في أحشاء المفردة الواحدة.. فالكف - وشهيدنا المهدي إليه قطيع الكفين والروح - التي أخرها "حسين" لمسافة أربعة أبيات - بقصيدته واضحة، هي التي تروي وتكفّ في الوقت نفسه.. ولاحظ المقابلة غير المباشرة بين: "النهر جرفك وهو كفك.." و"كفّاك قرآنان بسمل بالمياه لكي نلّفك..": هنا تتمرأي علي صفحة مياه الروح المزاوجة العميقة الباذخة بين معاني الموت ومعاني الحياة.. هذه المزاوجة تُشعل شعوراً مريراً بالذنب - وبالمناسبة فالعراقي ليس حيواناً ناطقاً أو اجتماعياً أو سياسياً والأخيرة (لعلي الوردي) مستثمرة من أرسطو بلا إعلان مباشر - لكنه أي العراقي "حيوان مذنب".. "كفاك قرآنان بسملْ بالمياه لكي نلفك بدموعنا ونطوف سبعاً ثم نطلب منك لطفك"وهذا الشعور الموجع بالذنب "يُصعد" بشراسة ليخلق أروع الصور الشعرية "النظيفة" والماحقة في الوقت نفسه... فالأنموذج الذي قطعنا كفيّه - وجدانياً وتخيّلاً - يصبح مصدر تعزيز جمعي للنرجسيّة الموهومة ولكن الضرورية للبقاء "النفسي" ومداواة الجراح الباهظة - والتكفير عن الآثام.. وينبغي أن نتذكّر أن كفّ الإمام القطيع المنتصّب فوق ذروة منارته هو - أصلاً - كفّ تموز - الإله دموزي - الذي لم تستطع شياطين "أيريشكيجال" إلهة العالم الأسفل، ويا للغرابة هي شقيقة "عشتار" إلهة الخصب والجنس والنماء - أن تبتلعه مثلما عجزت كل المحاولات السياسية العنيفة للحكومات العراقية المتعاقبة عن اجتثاث هذه الممارسة من روح الشعب العراقي.. أقول إنّ كف الشهيد العطشي، شهيد الماء، الكاف والمكفوف، يمكن أن توسّع، لتصبح رؤيا كونية، علي يــدي الشــاعر "القاصد" وهذه هي مهمة الشعر وهذا هو واجب الشاعر.. الشاعر الذي لا يستذكر ويوظّف ذكريات الطف لمنافع خلودية مهمة حسب بل يستثمر هذا الفعل الرمزي وهو ملتحم بواقع العراق المحطم العاصف الذي تعدّت شدائده الفاجعات كلّ طف وكل وصف:"
يا ربّ آلام الجنوبيين حين الجوع ما انفكيخشي من النذر الذي جعل الجنوب يظلّ ضيفككنّا إذا ما أينعت أدغالهم نحتاج عصفك"
ولأنّ قصيدة الرثاء هذه تتناول المآثر الملحمية لشهيد اختار الموت عطشاً، ولأنّ الشاعر يصوغ أبياتها وفق رؤيا مسبقة محكمة فقد تسيدت مفردة الماء وما يرتبط بها ويشتق منها من مفردات ومكوّنات ساحة القصيدة أيضاً "النهر.. الجرف، السقي، الفرات، الظمأ، الدموع.. الرشف..إلخ..".. وكنتيجة للرؤيا المحكمة نفسها فقد كانت مفردة: "الكف" من المفردات المركزية التي تعمل كحلقة وصل حاسمة في تركيز انتباهة القارئ وتعزيز وحدة القصيدة:-"النهر جرفك وهو كفك... البيت الخامساحمل يديك.. البيت الحادي عشراحمل يديك بلا يدين.. البيت الثاني عشركفاك قرآنان.. البيت الرابع عشر..."ومؤسساً أداءه علي ركائز رؤياه الحاكمة يختم القاصد قصيدته/ مرثيته بالكف التي هي رمز لشهادة وموقف: "عذراً هي الكلمات دارت حولها لتبوس كفّك"وقد اختار الشاعر بذكاء ودراية وزناً عروضياً جارحاً يصلح لأن يجعل القصيدة أنموذجاً للنعي والغناء الموجع وقد لحناها وغنيناها - وكان الحداء بها يذكّر من يستمع بأداء مقتل الحسين بن علي - عليهما السلام الذي كنا نسمعه في عاشوراء. وتعزيزاً لوحدة القصيدة العضوية والنفسية ولإيقاعها الحركي فقد كانت هناك وقفتان تساؤليتان بصيغة المخاطب مرسومتان لغوياً وفنياً بحنكة:"هل كنت نزفك؟ كنت سيفك؟ كنت أنت؟ وكنت وصفك (البيت الرابع).هل كنت تُسفك؟ كيف تسفك؟ كنت تسقي الأرض نصفك (البيت السابع).ويبرع "حسين القاصد" في الكثير من قصائده في استخدام مفردات عامّية أو مفردات فصيحة يطوعها باستخدام عامي. في قصيدته "عندما يكذب الخبز"مثلا التي كرمنا باهدائها الينا بعد مغادرة بغداد المحروسة يقول:"(الله بالخير) الجميلة هل ترددها هناك ومن بصوتك يطربُوالآن عذراً يا (اغاتي) كلهم علموا بصدقك لا يطال فكذبوا"والأمثلة تطول لكن انظر إلي ما يقوله في البيت التاسع من هذه المرثية:"(إيْ) ما يزال.. وذاك أنت مفخخاً تجتاح حتفك"

الأربعاء، 15 أبريل 2009

من اواخر ما كتب الراحل عناد غزوان قراءة في اهزوجة الليمون لحسين القاصد





تمتاز هذه المجموعة الشعرية (اهزوجة الليمون ) للشاعر الشاب والمبدع حسين القاصد باستثمارها المز الفني استثمارا فنيا له خصوصيته التي تبعده في بعض الاحيان عن الكتابة بمعناها البلاغي العربي المعروف .. فالصورة الشعرية عنده مركبة تركيبا دقيقا بعفوية بعيدة عن التصنع والتكليف الذي قد يحيل مثل تلك الصورة الى ضرب من الطلاسم والعبث ..(فكل الهموم ليال ملاح ) و(حزن لذيذ المخاض مباح )..مااروع هذا الخيال الصوفي وما اجمل هذه الصورة التي حفلت بها قصيدته الموسومة (الف ليلة وليلتان )ان التكافؤ الطبيعي والمعنوي بين الحقيقة والمجاز هو الذي صير صور حسين القاصد صورا شعرية ذوات مسحة فنية تمتع نفس متلقيها قارئا او سامعا .. وهذه سمة في هذة المجموعة الشعرية التي احتوت مجموعة قصائد متوازنة في اطوالها وفي بنائها الفني المستوحى من صورها ..فانظر عزيزي القارى الى هذا البيت :-


مضوا يقطفون زهور الدخان ولم يشهقوا غير خوف ففاحوا


ان (زهور الدخان )و(شهيق الخوف) لهما ركنان بارزان في بناء هذه الصورة
الرمزية الرئعة حقا .. وفي قصيدته (جدل بيني وبين ابي الطيب المتنبي ) حوار شعري دفاق يدل على فهم عميق لرؤى المتنبي الكبير ونظرته للواقع والوجود الانساني في عالم عزت فيه الكلمة الصادقة العبرة عن تجربة شعرية حبيسة تريد الانعتاق ولانطلاق الى عالم الحرية , عالم اللا قيود , عالم ا للاسلاسل وهو عالم المتنبي الذي استطاع ان يتحدى كثيرا من مثل هذه القيم والاعتقادات فكان شموخه وكبريائه وموهبته الشعرية هم الحصن الحصين الذي يحتمي به المتنبي وكفاه فخرا وعزا .

والشاعر الشاب حسين القاصد في هذا الحوار يحاول ان يجعل الرمز حقيقة قائمة ويحاول استبطان ماهيته بربطه بالسيرة الذاتية للمتنبي مستفيدا من هذه السيرة على ما بين الشاعرين من فروق والتزامات خاصة وعامة ونظرة مستقبلية للحياة والناس و الشاعر .

وهذة المجموعة لاتتخلى عن فكرها وانتمائها في قصيدته (نبي الطف) التي تعبر بصدق وامانة واخلاص وفن عن هذا الانتماء الذي لايعرف الزيف او الياء ولايعرف غير البصدق والاباء والتضحية..



الان يصطادون من ضحكاتهم الما يساعدهم لكي يتالموا


الماء اسود سيدي وقرابهم مثقوبة ودموعهم تتكلم

ان الشهادة اسمى صور من صور الشجاعة والاباء و(ابو الشهداء) رمز لهذه الشهادة ليس في تاريخ المسلمين حسب بل في تاريخ الانسانية التي رات في الحسين (ع) مصدرا رائعا من مصادر الكفاح ضد قوى البغي والعدوان فالحسين (ع) ارث الانسانية جمعاء وليس لفئة معينة من البشر فالقيم صوت الحسين (ع) ( والدين في الصحراء نبت برعم )


كبرت صبايا الاه في احضاننا وتلعثمت حتى استفاق لها فم
ان كان قد هتك الطغاة مخيماً لبنيك دارت فالعراق مخيمُ


بهذه الروح الشعرية الشفافة المنتمية تحلق الصورة الشعرة لحسين القاصد في ( اهزوجة الليمون) لتقول لمتلقيها ها انذا امامك بلا اي زيف او رتوش كما يقال فانظر الي بامعان وايمان ستجد نفسك امام معالم التضحية والفداء والشهادة عالم الحسين (ع) الخالد خلود التضحية والشهادة .

الصورة الشعرية في هذه المجموعة تكاد تكون ذات مستوى فني رفيع ومتوازن كما يقال بلغة النقد الشعري في كل قصائد هذه المجموعة . في حماسياتها وفي وطنياتها وفي وجدانها وفي تجاربها الخاصة حينا والعامة حينا اخر


الصورة الشعرية في هذه المجموعة تكاد تكون ذات مستوى فني رفيع ومتوازن كما يقال بلغة النقد الشعري في كل قصائد هذه المجموعة . في حماسياتها وفي وطنياتها وفي وجدانها وفي تجاربها الخاصة حينا والعامة حينا اخر

مولاي يادمع الفرات الى متى

والفرحة العذراء داخل شرنقة



اقرا معي هذا البيت الذي يبدو من مرثاة هزت وجدان الشاعر لتعرف معنى الذهول النفسي الذي تتركه التجربة في ذات الشاعر ووجدانه


رفقا بوحشة هذا الليل لو رحلت

فمن سيبقى لهذا الليل في الليل

مااروع تكرار لفظة (الليل) في دلالااتها الفنية والمعجمية المختلفة التي تلتقي في التعبير عن شهقة حزن ولوعة بكاء وتباريح وجد.
ان ابتسامات الغيوم ( وتراب النوح) وفاكهة الدخان (خيل الدموع) و( القصيدة المعنونة بسوسنة الارتقاء) ( وضباب البوح)



_ كم مرة ارضعتني الورد من يدها

انوثة طعمها للأن في رئتي)

( وكبرت يقذفني الرجاء الى الرجاء والصوت ينحت في خدود الدرب اسئلة طويلة ماذا ستجني من رجائك دونما ادنى وسيلة ..


( ابا فرات ياابن النخل ياولدي
لا تشتم الجوع ان الجوع من قيمي
فقد صلبت على صوتي وسال دمي
على خدود مسائي و الفرات ظمي )


كل هذه الامثلة الشعرية الرائعة وكثير غيرها مبثوث حنايا وضلوع هذه المجموعة يعبر عن براعة في رسم الصورة الشعرية التي يتفرد بها الشاعر ولا سيما في هذه المجموعة التي تدل على تامل عميق ونظرة مستقبلية لتجربته الشعرية التي امل في المستقبل القريب جدا ان تمهد السسبيل لمجموعة ثالثة او رابعة تصديقاً لهذه المقولة النقدية فالشاعر حسين القاصد جدير بهذه النظرة وهذا البعد الشعري الفني الذي سيكون في يوم من الايام وقد كان صوتا عراقياً وعربياً وانسانياً يفخر به قراء الشعر في كل زمان ومكان

وفقك الله يا حسين وسدد خطاك لما فيه روعة الصورة الشعرية التي قيل فيها بانها رسم بالكلمات .. فكلماتك رسم ورسمك صورة بل مجموعة صور شعرية


الاستاذ الدكتور
عناد غزوان


15 /4/2004



الثلاثاء، 14 أبريل 2009

البوم القاصد