.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الأربعاء، 28 أبريل 2010

قصيدة في جلسة الزبير بالبصرة

قصيدة في جلسة الزبير / 2

انا لا اريد العيد

الشاعر حسين القاصد : سأبقى على قيد العراق و النقد العربي متخلف جداً


الشاعر حسين القاصد : سأبقى على قيد العراق و النقد العربي متخلف جداً

ودعت الفرات هناك في العراق ووجدته يستقبلني في الرقة

سيريا بوست / حاوره: أحمد رشاد

يقول نزار قباني : شعراء العراق أكثر من نخيله و يقول محمود درويش: كن عراقياً لتصبح شاعراً يا صاحبي/ فالشعر يولد في العراق


ومازال العراق ينبع شعراً ويفيض شعراء وفي لقاء اليوم خالف الفرات الجغرافية فسار غرباً يحمل السياب والجواهري وأحمد صافي النجفي والنواب ونازك الملائكة وغيرهم ليصب في عاصمة الرشيد وعلى ضفاف العجيلي شعراً وشجون وإبداع
أستاذ حسين جئت من بغداد تلك التي على نهر عظيم إلى الرقة التي هي على نهر عظيم أيضاً من الرقة عبر الفرات ينتقل عطر الرقة ومن بغداد كان يأتي الرشيد إلى هنا. حسين قاصد جاء من العراق قاصداً الرقة , فماذا يحمل معه؟
حسين قاصد:الجميل جداً في رحلتي إليكم هو أن الفرات كان في وداعي وكان الفرات رفيق سفري ووجدته في استقبالي فليس هناك أجمل وأروع وأفضل ولك أن تختار من أسماء التفضيل ما شئت, أقول ليس هناك أجمل من صحبة الفرات بأوجاعه وآلامه وعذوبته وطيبته ونقاءه وكل ما تحمله صفات الفرات الأزلية التي مرت والتي ستأتي, مازال الفرات الخالد ينزف عذوبة وعذاباً حتى عذاباته جميلة على طريقة السياب حين يقول :
الشمس أجمل في بلادي من سواها
و الظلام حتى الظلام هناك أجمل
الظلام أجمل وهو يحتضن العراق ومن العراق إلى سوريا إلى هذا المهرجان الجميل المتألق في كل شيء, متألق بجمهوره وبمتلقيه وبشعرائه أنا سعيدٌ جداً في هذا المهرجان وهذه مشاركتي الأولى وأتمنى أن أكون دائماً في كل المهرجانات لأنني فعلاً وجدت جمهوراً واعياً وأناساً يجيدون تنظيم المهرجانات بدقة عالية
أن تقول شعراً يعني أن تأتي بما هو غير مألوف, منذ قليل كنت على المنبر واستمعنا لكل, أعذرني إن قلتها بصراحة لقد صفعتنا شعراً و بقوة, فكيف هو الشعر عند حسين قاصد؟
حسين القاصد:أسف إن كنت قد صفعتكم فلنأخذ كلمة أخف لنقل أنني قد وخزتكم فإذا كنت قد صفعتكم فأكون قد صفعت نفسي. ( صفعة الشعر الجميل اللذيذة) إن كنت هكذا فصفعة الشعر اللذيذة تلقتها قلوبكم الطيبة. حسين القاصد يتنفس شعراً,حسين القاصد بلغ من العمر ثلاث حروب وحصار ودمار, اجتزت كل هذه العذابات شعراً وما زلت على قيد العراق وسأبقى على قيد العراق ومازلت على قيد هو اسم موقعي الشخصي وهو إحدى قصائدي وهو توقيعي الدائم. أنا لا أكتب حسين القاصد إلا وأكتب معها مازلت على قيد العراق. صدقني عذابات العراق تغنيك عن أي مصدر ثقافي, أنا مثقف بالوجع ووجعي يكفيني لأكون شاعراً مبدعاً. ما حملته معي إليكم هو بعض من الجمال في الغزل بعض من العذوبة في الغزل لأن العراقي يبقى جميلاً لأن تربته تنزف جمالاً وعذوبة وعذاب. حتى العذاب كما أسلفت هو نعمة كبيرة لأن عذابات العراق جاءت استحقاقاً كونه بلداً عظيماً وكون لم ولن يكون عادياً والعادي لا يعادي كما يقول عبد الله البردوني ولأنه لم يكن عادياً كثر أعدائه وما يحدث وما يمر به العراق جاء استحقاقاً لعظمته وهذه العظمة نحن نستقبل كل عذاباتها لأن أبناء هذا البلد الذي علّم الناس القراءة والكتابة والذي أعتبره أنا مسقط رأس الكون وليعترض الذي يعترض.
قيل سابقاً القاهرة تكتب وبيروت تطبع والقاهرة تقرأ. أما زالت بغداد قادرة على هذه القراءة؟
حسين القاصد: الآن بغداد وقد تستغرب من هذا ,فكل ما قلته من كتابة وطبع وقراءة تقوم به بغداد, فها هي بغداد تجمع كل هذه فهي تكتب وتطبع وتقرأ ومازال الشعر عراقياً نعم مازال الشعر عراقي المنبع , هذا ليس من باب الانحياز لبلدي بل هو انحيازٌ للشعر, فكل الحركات الشعرية وكل الظواهر الشعرية التي ظهرت وبدأت انطلقت من العراق بما في ذلك الشعر الحر وشعر التفعيلة فأكثر أعلام الشعر هم من العراق , لذلك تجد بغداد الآن تكتب وتطبع وتقرأ ولكن العالم والمحيط بالعراق لم يطلع على العراق بالكامل وأنا هنا نموذج مصغر للشعر العراقي هناك. الشعر العراقي عظيم ربما تقول شاعر كبير ولكنني لا أكبر على الشعر العراقي, الشعر العراقي هو الكبير.
على مدى الثلاثين سنة الماضية عانى العرب إنهيارات كبرى ولعل العراق أكثر من عانى . هل سنشهد ظهور وولادة حركة شعرية جديدة مغايرة لما كان تعادل عظمة جراحنا؟
حسين القاصد: ما حدث ويحدث في العراق هو ثورة جديدة في الشعر بعد أن دخلت القصيدة في متاهات كبيرة وعديدة من فدخلت إلى قصيدة النثر والنص المفتوح والحداثة وما بعد الحادثة , فقمنا نحن مجموعة من الشعراء الشباب بالعودة إلى القصيدة العمودية بشكل جديد ولقد سمعتني في أمسية اليوم أقرأ قصيدة عمودية لكنها لا تنتمي للقصيدة العمودية الكلاسيكية إلا بالشكل الخارجي القصيدة العمودية الحالية التي بدأنا بها ثورة على المألوف هي قصيدة ألبسناها ثوب العصر, لذلك كانت قصيدة مميزة وهي آخر ما وصل إليه الشعر بكل أشكاله. أنا لست ضد شكلاً معيناً من الشعر , أنا مع الشعر بكل أشكاله على أن يكون شعراً, ولكن بعد ان أدخلونا في متاهات وكتبوا حتى ما لا يفهمونه هم, فتجد أحياناً مؤلفات لشعراء لا يفهمون ما قد كتبوه, لذلك أقول أن الشعر في العراق وأن مرحلة الحصار والتي سيكتب عنها النقاد كثيراً يوما ما أفرزت شعراء كثر أعادوا الشعر للشعر وأتشرف بكوني واحداً منهم.
هل ساهم النقد بشكل ما أن يجعل الشاعر واعياً في كتابته فيكتب بالملموس لا بالمحسوس. اي أنه هو الذي يكتب القصيدة وليست هي التي تكتبه؟
حسين القاصد: أقول إن النقد العربي متخلف ومتخلف جداً جداً ولا نملك نقداً حقيقياً إلا بعدد أصابع اليد الواحدة, أما ما عدا ذلك فهو نقد أخواني على طريقة العراقيين ( شيلني واشيلك), الناقد فلان صديقه شاعر فيحلق به إلى فضاءات عالية من القمم ويجعله الشاعر الأوحد ويبذخ عليه بالأسماء .
النقد الحقيقي يجب أن يكون مواكباً للظاهرة , تلاحظ يا صديقي بأن الظاهرة الشعرية تظهر وتختفي وبعد عشرات السنين وربما يموت الشاعر حتى يكتب عنه أنه أبدع ,انه أوجد ظاهرة, فلم يكتب عن السياب تجربته إلا بعد أن مات وحين كان السياب حياً ومات ولم يتجاوز الأربعين أقام الدنيا وأقعدها عندما كان حياً ومع ذلك كان مهملاً وكان متسكعاً وآسف على كلمة متسكع فهو لم يكن متسكعاً بإرادته ولكن كان مهملاً رغم عظمته فلقد يكن بحاجة لأبسط أمور الحياة فمات بمرض بسيط يمكن أن يعالج. السياب وغيره من الشعر هم ضحية للنقد , ما أجمل لو كان السياب يقرأ ما كتب عنه ولو أنه بقي حياً لما تجرأ على الشعر أحدٌ.
ستعود إلى بغداد ويودعك الفرات هنا ويلتقي بك هناك. ماذا ستقول لنا وأنت في بغداد؟
حسين القاصد: أقول هنا واقول في بغداد وفي كل الأماكن التي أزورها, أنني وجدت أناساً هم أهل لكلمة أناس هم أهل لمعنى هذه الكلمة, وجدت ناساً حقيقين وجدت أهلاً وطيباً وليس غريباً ما دام الفرات يحتضنهم وما داموا يحتضنون الفرات بعيداً عن كل التفاصيل ولا أريد أن أخوض في السياسة يبقى الشعب العراقي والشعب السوري أخوة فإذا لم يجمعنا الدم يجمعنا الفرات.
أهلاً بك على صفحات سيريا بوست.
حسين القاصد: أهلا بكم دائماً في قلبي


ادناه رابط الموضوع



لا الى اين

الأربعاء، 21 أبريل 2010

ما تيسر من دموع الروح

قصيدة باليوتيوب

الثلاثاء، 13 أبريل 2010

آي من الوجع العراق

آي من الوجع العراق
حسين القاصد/ بعد فجيعتي في الانفجارت الاخيرة في بغداد
يا ايها العشاقُ من ذكرٍ وانثى , او بقايا قصتينِ انا قد بعثتُ من الأنين ِ لكي اترجمَ آهةَ المجنونِ ، ماادراك مافي صدر مجنونٍ تخلـّصَ من ضبابِ العقلِ وافترشَ الحقيقة .. ايها الناس الذين على رصيف مواجعي كونوا صغارا تكبرون لأنكم لستم كبارا ماكبرتم ، فاسمعوا من همس آلام الزهور رصانة المعنى الذي فقد المذاقَ لأنكم لاتفقهون سوى الرصاص ، لأنكم ياأيها الناس الخناجر، ايها الناس الرصاص ستعثرون على شظايا من كرامةِ ميتٍ فتكون دمعاً او ضميراً ميتاً ايضا وقد ينمو الضميرُ برغمِ شدةِ موتهِ ياأيها اللاآمنوا هل تؤمنون بأن رب الماء والهور القديم ورب احزان الجنوبين يبقى خير ربٍ رغم كل الكافرين لأن رب المعدمين من الجنوب الى الجنون ـ مع اختلاف النقطتين ـ يظل رحمناً رحيما فهو رب العالمين الاولين وليس رب الطارئين .ياأيها اللا آمنوا هل تعرفون القبةَ الخضراء في زمن الصحارى؟ ثم هل تدرون ان الله صيّركم اناساً من فراتٍ ثم عطركم بدجلةَ كي يصوركم فينعتكم عراقاً لاشريكَ لعمقهِ ولحزنهِ ولصبرهِ ولتمرهِ ولطينهِ ولمائهِ ولدمعهِ ولكلِ سمرةِ خده .. ياأيها اللا آمنوا متى تؤمنون؟ .. افتذكرون حكايةَ الأرض التي جاعت وهمّتْ باليتامى كي تكون قبورهم ؟ ..
أم قد نسيتم ان (واحدَكم بسعرِ رصاصةٍ ) كونوا اذن ناساً لكي يقفَ النخيلُ بطولهِ ، هو ينحني اذ تنحنون ..
يا ايها العشاقُ من ذكرٍ وانثى قد أبحت لكل ِ محروم ٍ تشظتْ دمعةٌ في خده حتى يدخنَ او يمارسَ نفسَهُ ...
هيا املأوا اجسادكم روحا وقولوا (اننا ) فجميعكم يحتاج للتوكيد ، للفعل المضارع ايها الماضون جدا ً مارسوا المعنى لكي تتخلصوا من لعنة الجزم التي حرمتكموا من أيِّ رفع .. أيها اللا آمنوا .. اني أقص على بقاياكم حكايا ضحكةٍ كانت زجاجاً ثم طاحت فاستحالت دمعةً لكنها ايضا زجاجٌ ،عُلِقَتْ بجدار خدٍ صار نهرا جامدا ينساب عند تماسهِ بدعابةِ الجرحِ القديم فينتمي للروح ، يشردُ من بقاياكم فكونوا ايها العشاقُ من ذكر وانثى طيبين ورائعين كدجلتين
وميتين كدجلتين
ونائمين وراكضين كدجلتين ..
صلوا لرب النخل
رب الجوع
رب الحرب صلوا كل حين
وكل وقت رك.. دجلتين
كي تدخلوا الجنات من بعد العراق لأنكم صمتم كثيرا حد خوف بطونكم..
ولأنكم اتقى واشقى ..انكم انقى وابقى .. انكم لم تدركوا ماذا جزاء التائهين برغم كنه بيوتهم والهاربين من اختناق جلودهم ,يا ايها الكفار بالزمن المفخخ بالحكومات التي
ترد المقاعد ثم تحصيها بأعداد الذين تصاعدوا لله لوناً احمرَ الشهقاتِ مزدحماً باشلاءِ ابتساماتِ الصغارِ وهم بألبسةِ المدارس ...
أيها اللا آمنوا كونوا عراقا دون جيرانٍ لأن الله اوصاكم بجارٍ سابعٍ هو سوف يأتيكم على طبق تفخخه (اللحايا) ثم ينسجكم عراقاٌ يستريح به الاجانب ، ايها العشاق لاتتهامسوا قرب الحدائق فالحدائق كلها كفرٌ وإلحادٌ لأن عطورها تغني عن الوعد الغبي الملتحي ، لاتشربوا الرمان فالرمان لونٌ احمرُ الشهوات يغري بالخطيئة ، أيها اللاآمنوا كونوا صغارا تكبروا وتذكروا نِعَمَ العراق على الجميع فكلكم قد كان احزابا ففخخكم وعنّفَ بين كل قلوبكم كي تحصدوا الزمن الوريثَ لكلِ ازمنةِ الرصاص


.6/4/2010
_________________مازلت على قيد العراق

الاثنين، 12 أبريل 2010

حسين القاصد في أطروحته : الناقد الديني قامعا :


حسين القاصد في أطروحته : الناقد الديني قامعا :
الأطروحة الأنموذج
-------------------------------------------------------
حسين سرمك حسن – دمشق
عندما أخبرني الصديق الشاعر "حسين القاصد" بأن أستاذه العلامة الجهبذ الدكتور "محمد حسين الأعرجي" قد اختار له الشاعر "إبن الشبل البغدادي" موضوعا لأطروحته لدرجة الماجستير قلت له : " أين وجد لك الأعرجي هذا الشاعر ؟" . فإبن الشبل البغدادي ، لا هو بالمتداول بين الشعراء القدامى ، ولا توجد مصادر واسعة عنه ، وحتى ديوانه غير محقق وغير منشور . وأعترف هنا بمسألة أخرى وهي أنني كنت أرى – في سرّي وأنا أستمع لحسين هاتفيا – أن من الواجب أن نخصص الدراسات الأكاديمية للشعراء المعاصرين وليس لشعراء فاتت عجلة القرون على منجزهم وسيرتهم وعصرهم . لكنني في هذا الرأي لم أصل إلى غلوّ بعض المتحمسين للمعاني الشكلية للحداثة وما بعد الحداثة والذين صاروا يدعون جهارا إلى قطيعة شاملة للدراسات الأكاديمية عن التراث الشعري العربي القديم . وجهة نظري هي أننا ينبغي أن نعيد دراسة تراثنا بعيون عصرنا . لكن أغلب الرسائل الجامعية كانت تقليدية في تناولها للشعر القديم وتقرأ المنجز الشعري بعينين غائمتين وبموقف تابع بحيث لم نجد قراءات تحليلية توصل إلى "اكتشافات" جديدة وفريدة قابلة للإستثمار في حياتنا الثقافية المعاصرة إلا في حالات قليلة .
دخل القاصد ساحة معركة علمية بحثية حقيقية ، وكنت أتابع جهده الهائل عن قرب . وقد بحثت له عن أي مصدر أو ديوان لإبن الشبل هذا حتى في الشارقة ولم أجد شيئا . وفوق ذلك كنت - كما قلت سابقا - قلقا من أن يقع حسين في مصائد البحث الأكاديمي الكلاسيكية، وأن يقدم لنا دراسة مختنقة بمراحل حياة الشاعر ومعاركه وخصومه وجداول الأوزان والقوافي . لكن حين أرسل لي نسخة من رسالته بعد مناقشتها ومنحها درجة جيد جدا عال ، وجدت نفسي أمام دراسة جديدة وجريئة و"حداثية" بكل معاني هذه الأوصاف . لنبدأ من العنوان : "الناقد الديني قامعا : قراءة في شعر إبن شبل البغدادي " . فقد اعتدنا على عنوانات تقليدية للأطاريح الجامعية : أبو تمام : حياته وشعره وعصره .. الصورة الشعرية لدى البحتري .. إلخ . لكننا نقف هنا أما عنوان حداثي أولا ويحيلنا إلى إشكالية مميتة تعاني منها الثقافة العربية الآن ثانيا ، وكأن حسين القاصد ومن ورائه أستاذه يريدان إرسال رسالة خطيرة من عصر إبن الشبل إلى عصرنا المتهالك هذا . فأمر عجيب هذا أن نجد الثقافة العربية ، وخصوصا في مجال الشعر ، كلما تقدمت في الزمن ، كلما عادت سلطة الناقد الديني القمعية أكثر ضراوة وبطشا . وهكذا صارت تأتينا الأخبار متلاحقة .. ففي هذه العاصمة تتدخل السلطة الدينية وتسحب ديوان أبي نؤاس الذي لم يمنعه من الشعر حتى البوليس العباسي !!... وفي تلك العاصمة يُقدم طلب قانوني للسلطة القضائية لحرق سيّدة الحكايات "ألف ليلة وليلة" .. وفي عاصمة ثالثة يُحال ديوان أحد الشعراء إلى جهة فتوى وليس إلى ناقد خبير .. وغيرها من الوقائع التي يذكّرنا بها القاصد من خلال حال شاعره إبن الشبل الذي اتُهم بـ "فساد العقيدة" الأمر الذي أدى إلى إخفاء وضياع القسط الأكبر من شعره . وما أشبه الليلة فالدرس الآخر الذي تقدمه دراسة القاصد هو المعضلة الخانقة المتمثلة بعلاقة الشأن الثقافي بالشأن السياسي . فالثقافة ، وبتعريفها ، هي الموضوعة الأم المهيمنة في حياة أي مجتمع ، هي الكل الذي تشكل السياسة جزءا منها . لكن في مجتمعاتنا العربية الراهنة – وبصورة تتطابق مع مجتمع إبن الشبل - يقف الموضوع على رأسه بصورة غريبة ، حيث تتبع الثقافة – الكل – السياسة – الجزء . وهو أمر أوصلنا إلى نتائج فاجعة ليس أقلها مسخ دور المثقف / الشاعر وجعله تابعا للسياسي . ويرتبط بذلك – وهذا درس آخر – محنة هائلة لازالت تتفاقم يوما بعد يوم في حياتنا الثقافية ، وهي محنة " شعراء المديح " ، هؤلاء الأبالسة المبدعون الذين يتبعهم الغاوون ، وفي غرف المسؤولين يهيمون ، يكيلون المديح ويفعلون . وفي إبن الشبل الذي لم يكن مدّاحا على عادة الكثرة الغالبة من شعراء العصر العباسي أسوة حسنة كما كشف ذلك القاصد .
ثم يأتي الاكتشاف الرائع الذي يشكل امتيازا للقاصد – لم يلتفت إليه حتى شيخنا الراحل الدكتور علي جواد الطاهر في مراجعته لشعر إبن الشبل – والذي عبر عنه القاصد بقوله : ( قد تكون دراستنا هذه قد حققت سبقاً في كون ابن الشبل أطلق الشرارة الأولى للشعر الحر (التفعيلة) وذلك في مناسبة واحدة قد نعدها تجريبا ولو وصلنا ما ضاع من شعره لكان هناك حديث آخر. ولاشك أن ذلك نابع من قدرة الشاعر على التجديد والإبداع ) . فبعد أن أشار بعض الباحثين إلى أن جذور قصيدة النثر – بأشد صورها سريالية – تعود إلى الحلاج ، يأتي القاصد ليمسك بمحاولة لإبن الشبل البغدادي يراها ( ممهدا للشعر الحر الذي جاء به السياب ورفاقه :
وستةٍِ فيك لم يجمعن في بشر...
كذب وكبر وبخل أنت جامعه
مع اللجاج وشر الحقد والحسد
وستةٍ فيّ لم يخلقن في ملك...
حلمي وعلمي وإفضالي وتجربتي
وحسن خلقي وبسطي بالنوال يدي
فإذا أردنا القول إن ما ورد أعلاه يعد بيتين فقط حيث انه أجّل القافية الى الشطر الثالث فهذا بحد ذاته غريب ، وقد يعد تجديدا . ولأن القصيدة العمودية من شطرين لا ثالث لهما - صدر وعجز- لذلك أرى أن ترحيله للقافية الى الشطر الثالث في وزن محكم التفعيلات هو بمثابة شرارة تمهيدية للإنفلات من سلطة القافية، وتحرير القصيدة من نظام الشطرين، كما أن القارىء الكريم يلحظ بوضوح ثورة ابن الشبل على القافية وعلى نظام الشطرين لاسيما انه لم يركب بحرا من تلك البحور التي تدعى بالصافية ، والتي يسهل على الشاعر كتابة الشعر الحر(التفعيلة) فيها ، وقد فات محقق شعر ابن الشبل الدكتور "الكيلاني" أن يقف عند هذه النقطة الهامة التي أوردها في بيت واحد. وحين عثرنا على بيت آخر من القصيدة نفسها وجدنا أن الوقوف هنا لابد منه لاسيما أن البيتين إذا وضعناهما وحدهما كالآتي يشكلان قصيدة قصيرة من شعر التفعيلة :
( وستة فيك
لم يجمعن في بشر...
كذب
وكبر
وبخل أنت جامعه
مع اللجاج وشر الحقد والحسد
وستة فيّ
لم يخلقن في ملكٍ...
حلمي
وعلمي
وإفضالي
وتجربتي
وحسن خلقي
وبسطي بالنوال يدي..)
أليست هذه قصيدة تنتمي للشعر الحر(التفعيلة) وهي تحمل من أدوات النضج الشيء الكثير ؟ ) .
ويهمني أن أشير إلى موضوعة "الإهداء"، حيث اعتدنا على إهداءات رتيبة " كليشيهات " يهدي الكاتب فيها أطروحته عادة لأستاذه أو لزوجته التي ساعدته .. إلخ .. في حين يأتي إهداء القاصد وكأنه قطعة شعرية تمزق قلبك وتزرع غصة في روحك . أهدى أطروحته إلى روح أخيه الشهيد "حسن" الذي اغتاله الأمريكان الغزاة :
( الإهداء :
إلى أخ تركناه عند أحلامنا ، فأكله العراق
إلى ثلاثة أرباع اسمي أخي (حسن)
ح
س
ن
ذلك الجرح لاريب فيه ......... )
ولاحظ التوظيف القرآني الماكر والموغل في الأذى في السطر الشعري الأخير .
بهذه الدروس الأساسية البليغة تكون دراسة "حسين القاصد" من النماذج البحثية الهامة التي يجب أن يُقتدى بها في كيفية مراجعة تراثنا الشعري الزاخر من جانب، وفي الصورة التي تجعل الأطاريح الجامعية – والجامعة كمؤسسة – تقف في قلب الحاجات الاجتماعية الراهنة وتستجيب لها من جانب آخر مكمل . فتحية لأخي أبي علي "حسين القاصد
" .