.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الخميس، 24 مايو 2012

حسين القاصد : ما يزال على قيد الشعر والعراق

 حسين القاصد: ما يزال على قيد الشعر والعراق نقلا عن جريدة الصباح



24/5/2012 12:00
صباحا 
د. باسم الاعسم
كل ما عند الشاعر حسين القاصد، قصائده، دواوينه، سلوكه، لذاعته، عنوانات نصوصه، أشكال قصائده (عمود، نثر، تفعيلة) يشير – بشكل مبين - الى هوسه – بقصدية – في رج قناعات القارئ، ومن ثم مشاكسته عبر المحاور الآتية: اولاً.. التلاعب المقصود باللغة، وتلك من سمات القاصد الواضحة. ثانياً: استثمار التهكم من خلال عنصر المفارقة (اللفظية، الفكرية، مفارقة العنوان... الخ)  ثالثا: الجرأة في التعبير عما هو مضمر بداخله من سورات تموج بالآه والأسى واللوعة.
وبعد  فأن القاصد، يطوع اللغة كيفما يشاء، فتجري الالفاظ على لسانه بعفوية وكيفية توحي بكفاءة أسلوبية قل نظيرها.  صحيح أن القاصد يكتب قصيدة العمود، لكنها ليست قصيدة تقليدية يهيمن فيها النظم على الابتكار، بل انها قصيدة طافحة بالصور الفنية والشاعرية، إذ تمتزج المعاني والألفاظ والخيال مؤلفة ذلك التشكيل اللغوي الجميل.
وتكشف قصيدة (ما تيسر من دموع الروح) التي سمي بها الديوان الشعري، عن وله عجيب في التلاعب بالالفاظ بفرادة تكاد تكون مائزة،
إذ نقرأ:
وجهي ينافسني على احزاني/ ابكي فيخرج من دموع لساني/ انساه في حضن المرايا هاربا منه/ فيصرخ أين...؟ هل تنساني؟
ويتفنن القاصد ببراعة المقتدر في ابتداع الصور الشعرية التي تنهل من الفرائد الشاخصة كالحسين والعباس وعلي (عليهم السلام) جمالها، يعرج الشاعر حسين القاصد برؤاه الشعرية – بعيدة المدى – إلى سماوات الخلق متخذاً من النقائض من جهة، والصور الجليلة من جهة أخرى، والممثلة بالرموز المقدسة – خاصة – اسلوباً في انتاج النصوص التي تجسد مهارة القاصد الفنية وأوجاعه غير النهائية.  إن أغلبية قصائد القاصد تناور مع اللغة، التي هي أبرز ادوات الشاعر، فتجيء القصائد كالمعصرات تنث على اديم الارض ماء فرات يروي الظمأ الروحي للقارئ
 
في قصيدة (هو لم يمت) احدى معلقات الديوان الشعري الموسوم (حديقة الاجوبة) الصادر عن دار الينابيع في دمشق عام 2010، يستأنف الشاعر حسين القاصد مشاكساته مع الالفاظ، كيَّما يؤثث بيت القصيد، بأسمى ما يريد، من صور مثقلات بالهم والوجع العتيد المعفر بسفر الآه كما ألفناه.               
وتبزغ النزعة التهكمية في أبهى صورها. وإلى جانب التلاعب اللفظي الذي يشكل عنصراً جمالياً في بناء النص وتشكيل الصورة الشعرية، نلمس وفرة التهكم والمفارقة وثراء المضامين المتسربة عبر ايقاعات (داخلية وخارجية) مموسقة، لا هذر فيها، ولا استطراد، إنها قصائد تجتذب القارئ من عنواناتها المختلفات، المثيرات، ومن ثقل محمولاتها، لاسيما القصائد ذات الحس الوطني التي تشعرنا أن القاصد ما يزال على قيد العراق، ذاتاً مبدعة، وروحاً سمحة، فكهة، وقلباً ينبض بالشعر الفاره الجميل.
في قصيدة (الغائب، الحاضر) والمسماة (إنه) نستمرىء ما ينسجه القاصد من شعر مزدان بصور ورؤى باذخات المعاني على وفق مبنى سليم، يخترق البناءات المألوفة في النصوص التقليدية، فيغدو مؤثراً بنحوٍ مبين، ومن فرط هوس القاصد بالعراق، فقد هيمنت القصائد التي اصطبغت بلون الوطن والتي نصفها بالموضوعية، على كل ما هو ذاتي، وإذا ما اعتد الشاعر بنفسه، فذاك حق إبداعه، وسر تفرده، سواء أهدى لنفسه أحد دواوينه، أم كان أبجدي الوصال وسرمدي العشق، أم قال شعراً بحق ولده، فالأهم توقد العاطفة وقوتها، وحسن التعبير عن الذات ولواعجه، على وفق خطاب شعري بصري، يولي الصورة الحسية – خاصة – أهمية قصوى لعقد أسمى الصلات الحميمية مع القارئ.
وقد نجح القاصد في اجتذاب الآخر له، قارئاً ومتلقياً معاً، بما يتمتع به من مهارات الاداء الفني والجمالي، شعراً والقاء, يكفيه ابداعاً هو أحد الشعراء الذين أرسوا دعائم قصيدة الشعر التي تمثل علامة فارقة في الشعرية العراقية.
لا فاصلة بين القاصد والعراق، فهو العراق روحاً حينما أصف, وفي نصه الموسوم (عراق أنا) نقرأ تلك الصور البهية بأبعادها الفنية والدلالية،  ويتغزل الشاعر بحبيبته بغداد بوصفها الحب والحضارة والجمال وأول الخلق،  ويشكل ديوان (اهزوجة الليمون) الى جانب دواوينه الأخرى سفراً شعرياً مضمخاً بحزن الشاعر على وطنه محتشداً بقصائد تدون للقراء أنا الشاعر النازفة، وجراحاته التي لم تندمل بعد، ما بقي الشعر والعراق

الثلاثاء، 8 مايو 2012

الانسجام أللفضي والترابط الصوتي مع المعنى لدى حسين القاصد /عيال الظالمي

عيال الظالمي / نقلا عن جريدة الزمان العدد 4194 في 8/5/2012





الانسجام في اللغة هو ضم الشيء إلى الشيء،وفي الاصطلاح هو مجموع الآليات العملية الظاهرة والخفية التي تجعل قارئ خطاب ما قادر على فهمه وتأويله ببساطه
، فحين نقرأ نصا نتوصل إلى فهم بنيته ومضامينه وكل خلفياته والأطر المنظمة له ، إذا وصلنا إلى هذه النقطة من الفهم وظفنا آليات الانسجام . يؤثث القاصد بروحيته شعرا غرائبي البناء في القصيد الكلاسيكية ،بتهشيم الأطر الكتابية ، وفق رؤى وتجليات منظمة مكتملة في التركيب الصوتي والدلالي . للقاصد لغة رومانسية جريحة منسجمة ، تصطبغ باللون الفطري للامتزاج الحاصل عنده بين المعرفة بمثيرات المشاعر ومواطن الألم ، وصياغته المفردة التي لا يصاغ أجمل وأعمق منها للتعبير عن المكنونات النفسية، فقد استطاع تطويع مواده التي يستخدمها في مشغل عمله الفني خاضعة لمزاجه الفردي ( لأن الفردية في التعبير هي أساس كل فن وغايته) يمتلك القاصد في ما وضع بـ (تفاحة في يدي الثالثة ) والصادر عن سلسة نخيل عراقي عام 2009\الحافز. القوة بالموقف الذي شمل تطويع عناصره جميعها . لم يكتب لكي يقال بأنه قال كذا بل كتب للتنفيس عما يغتلي ويتفاعل، وهذا واضح في الأصوات المُحدثة المترابطة مع المعنى ، و متوافقة منسجمة تجذب القارئ وتشده:
بدأت..قيل متى؟ ناديت منذ أنا
منذ اختلفت معي كي أحرث الشجنا
من ألف بادية في الروح سار دمي
لكي أُرتــّل أطفالي لها مُـــدنا
في سابق النمل كانت قريتي قلقا
ثم استراحت بغصن نامل زمنا..(ص 131)
استحدث القاصد أصوات قوافيه المركبة لما للحروف المتجاورة وقوتها اللغوية والصوتية ، ذاهبا بمنحى متناغما ابتدعه ، يشبه إلى حد ما قصائد اللزوميات عند المعري ، وما أنهل بذرى العقم قصائدا تمطى بها الترابط الصوتي ، ليعطي صوتاً نغمي يضفي هزّة بأذن المتلقي، فعلم الأصوات الذي يعنى بدراسة الصوت ومؤكدا على الصوت من حيث مخارجه وصفاته ،وطريقة إنتاج الصوت في الجهاز النطقي للمتكلم محددا لإعطاء النطق لدى الإنسان مع ما يترتب عليها من صفات تتميز بها كل مجموعة ، وكذا بطرق التقاطه عند جهاز السمع. اختار الشاعر القوافي بحروف روي جميلة ومستحدثة كـ(حرف اللام مع هاء السكت ،وبكل مواضع الأعراب ،وحرف التاء مع الهاء )لما لهما من بحّة صوتية روحية تلامس الشغاف فمن قصيدة(ساحة التحرير):- قلق تلحنه شؤون زائله \\وأسى يحاك دمىً ولكن قاتله
الموت يعزف دجلتين \\الدجلتان يمارسان الماء\\محض محاوله(ص114) كذاك النون والهاء:-(هو لم يكن ظلا وها هو ظلهُ مازال يحفظ للمكان مكانهُ) (ص110)وخيال القاصد ثرٌّ يولد ويبدع شكلاً خاصاً به ، تناما بعملية النمو البيولوجي أو العضوي لأنه يمتلك القوة المُغيرّة ، لقد قام بخلق جديد في بنية حية تشبه إلى درجة نمو النبات باستخدام المفردات التي أُخذت عنه برغم انتشارها كرمال العراق ، ومعنوناته الحديثة من العنوان الأكثر إبهارا الخارجي والداخل الأسمى تعبير مستنطقا المفردات للتحايل عليها ليوشّي المعنى بها وينسقها بانسجام النظرة الصوتية في عقل السامع ولون المفردة بلوحة الصورة لكي ليقول: يا الله في قصيدة (لا إلى أين)( ص84 ):::
أنا قارب خلف المياه مؤجل\\ولي مقلة روحية القصد مرهفة
أدثر شطآني بضيق مساحتي\\لكي لا ترى للماء ساق مكشفة 
وما جف فيّ الريف يا كوخ هدأتي\\ومازلت كالتنور حزنا وأرغفة
استخدام(الأنا)الجمعية سمة خاصة بالقاصد فهي ليست (نرجسية)كما استخدم ما يمتلك ليدخله باتون تجربته إلى نسبة عالية تصل إلى أكثر من75% لكون الأحدث جمعت قصائده ، فالعارف يعلم أن القصيدة التي تمتلك ترابط صوتي مع المعنى لا يمكن رفع مفرده من بناءها لأنها ستهد، ولكون الشاعر يمتلك نهجا خاصا جدا للتعبير (نهج القاصد) بل تمتلكه عواطفه الجياشة وانكساره العاطفي ،لا يهتم أحيان او كثيرة بالجانب المفروض لأنه أكثر كرماً فهو يعطي ما في يده جميعها ، ولا يبحث عن أزاميل مستعارة ، فالعديد من الشعراء الكبار لا يستدينون السلاح لكي يحاربوا بل يستعملوا ما يمتلكون من الروح بقتال دون التفكير فيمن يربح أو يخسر لأنهم لا يخسرون :ومن قصيدة(يا ساميا-ص69)::
وطن كجرح في الدماء وعمرنا منه ينزُّ 
إن جاع يأكل ما تبقى من بنيه وما يحزُّ 
في نفسه دمعٌ وها دمع العراقيين لغز 
هو ليس يهطل لا يجف لايهون ولا يعزُّ 
ومن خلال اطلاعي على بعض القصائد التي تتغنى أو يتناقل لقائلوها ابتداع القافية أو خلق بعض المفردات وجدت بشعر القاصد أغلبها لا أعلم السبق،ولا أودّ ُكتابة قصيدة لا من باب الانتقاص بل من باب الأخذ والإعجاب بالنمط ،إن كان للقاصد أو لأصحاب القصائد ، لا من اجل المقارنة لكن سأورد بيتاً من قصيدة (ص115) مع بيتين من قصيدتين قرأتهما انه قالب مشابه في الاختيارو بنفس الإيقاع الداخلي، اما تحويل نمط كتابة القصيدة العمودية على نمط الشعر الحر يعدّ تمرداً كنمط على رسم نظام الشطرين وجعل القصيدة على نظام الشطر الواحد، ووجدت أن قوافيه متلازمة مع ما تغني السامع طربا والقارئ اهتزازا: 
من ذلك الموت الملثم 
من شظايا الغبش الأعمى تشظت قافلة 
(
منْ لي بمنْ يمحو
مراحلَ تيهيَ الأولى لأبدأَ مرحلة؟)
{
هذا جنوبك لم يجد أسماءه 
إذ أنت من أسمائه المتحوله}
استطاع بأماكن عديدة من خلق ضوءاً ناتج عن الانبعاث وإتيان بالجد لتأكيد وحدة العمل الفني منسجما لأنه حاملاً لإرادة شعرية منصهرة ببوتقة الخلق الأكاديمي ،وما أملت عليه المواقف الكبرى التي أكسبته العمق والنضج ،لتعرضه بكامل الوعي إلى الإحساسات الدفينة في النفس البشرية ، كذاك ضمّن المفردة الشعبية دون تنافر {تأثرت بي دهرا فسال شذا فمي \\ عليهم وهم للآن (كاروكهم )يدي }إضافة إلى المحسنات البديعية تلعب دورا كبيرا وواضحا وجوهريا بشعره ونثره كما أنتج القاصد أشكالا طوّع الأطر خلالها للتلاعب بالأوزان وتناغم أصواتها مع المعنى ، وقد أعطى لعين القارئ في تفاحته صوراً للمرج الصناعي والتشكيل ألتعودي وربما أتى التشكيل النابع من الانفعال في اختيارالشاعر الإيقاع الداخلي لبحور شعره:
مضى، ويا أينه ؟ قالوا يمر ألم \\ يحنُّ للماء ؟للذكرى؟ لوردته؟
لأرملات فمي من بعد ما سرقت \\مني ابتسامة عمري طول غيبته؟
وعاش شيئا كثيف البعد ، يشبهه \\طول انتظاري بريئا قرب تهمته
التدوير في شعره ليس طقسا ثابتا إنّما ملحا لتطييب المذاق ،لم يكن عادة شعرية حتى إن تكرر في قصائده النثرية لطبيعة نفس القاصد الثائرة المشاكسة وبمنهل روحه وشاعريته الثرّة .لا يهيمن التدوير بل يعطي القصيدة نغما متوازنا مفعم بالشجن والمعنى والنفس الممتد، استطيع إحصاء الأبيات بالقصائد التي تحتوي التدوير عمودية و نثرية ولكننا نسمع وأعيننا تقرأ لنا صمتا لصوت المعاني والانسجام الهرموني في سلم الصعود بآهات الوجع أو النزول بمراتب الألم :كقصيدة(تراتيل في سورة الآه) وفي قصيدة(عندما يكذب الخبز):: 
الخوف كاللبلاب يُزرع في البيوت ويشنق الشباك اذ يتوثب
الشعر أصبح معدنيا والرصاص مناجل الفقهاء حتى يكسبوا
ومن قصائده النثرية :(ما تيسر في دموع الروح)و في(السهو نبتتنا)(15سطرا) في صفحة :تتمثل بها سجع الكهان ،والمعنى ذو الأفنان ، وموسيقى أيام زمان ، وما يجلي الغيوم عن الآذان ،وينثر العبق قي دياجير الجَنان .(حسين القاصد) من الجبال العراقية الشعرية الكثيفة الأنغام لتعدد طيوره لذا أرى أنَّ جمعاً من الشعراء في القصيدة العمودية استراحوا بسفوحه والاستمتاع واستنساخ تغاريده وإيقاعه ،وحتى تقليد نسج تراكيبه كقوالب جاهزة في قصائدهم ،لا يقل القاصد الذي يؤنس الجريح ويلهي المهموم ،وصوت لمن لا يُدَلّ على صراط الصياح حينما تكثر أُمية المناداة عن جبالنا الشماء ، ألا إنه عصر اللا ديمقراطية الذي أهينت فيه طرق إضاءة الظُلَم ، للقاصد وجهته وتظلُّ تتبعه سّبابات الأصابع بإشارات النحو.