.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

حوار مع الشاعر حسين القاصد في جريدة الشرق الاوسط

                      حسين القاصد: المشهد الشعري العراقي فيه شحة في الشعر وتخمة في 
                 الشعراء 
                   
               قال لـ: هناك من ظن أنه مغيب في زمن الديكتاتورية وحين أتيحت له        الفرصة دخل المشهد بكامل أميته
                 
                                                                                                 
                


       حظي الشعر العراقي بنصيب الأسد في ملتقى «الشعر من أجل التعايش السلمي»،
ا لذي أقامته مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري
في دبي الشهر الماضي، وبرز الشعراء العراقيون خلال أمسيات  الأيام الثلاثة للملتقى، ليمثلوا أصواتا متعددة السمات والاتجاهات، لكن   يربط بينها جزالة اللغة وأصالة المعنى. ومن بين الشعراء العراقيين الذين شاركوا في أمسيات الملتقى، الشاعر حسين قاصد، الذي يمثل اتجاها شعريا يمزج بين الألم والمعاناة، كشأن أغلب شعراء العراق، ولكن يضيف لهما شيئا من الملهاة والسخرية. والقاصد شاعر وروائي وإعلامي عراقي من مواليد بغداد 1969، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب، ورئيس نادي الشعر في الاتحاد لدورته الأولى، حاصل على شهادة الماجستير في اللغة العربية  وآدابها من جامعة بغداد، شارك في الكثير من المهرجانات الشعرية، وعمل سكرتيرا تنفيذيا لمجلة  «الأديب العراقي»  التي تصدر عن اتحاد الأدباء، أصدر أربعة مجاميع شعرية هي  «حديقة الأجوبة»، و«أهزوجة الليمون»، و«تفاحة في يدي الثالثة»، و«ما تيسر من دموع الروح»، وله تحت الطبع مسرحية بعنوان «هفوة في علبة الوقت».
 في النقد صدر له كتاب «الناقد الديني قامعا - قراءة في شعر ابن الشبل البغدادي»،
  عن دار الينابيع في دمشق، وهو عبارة عن رسالة ماجستير، كما أصدر رواية بعنوان «مضيق الحناء».
«الشرق الأوسط» التقت الشاعر العراقي حسين قاصد، على هامش مشاركته في
 «ملتقى الشعر من أجل التعايش السلمي» في دبي،
  وأجرت معه الحوار التالي:
  ميرزا الخويلدي
  كان نزار قباني يقول إن شعراء العراق أكثر من نخيله، وكان محمود درويش
  يعتبر أن العراقي شاعر بالفطرة، بالنسبة إليك، كيف ترى الشعر في عراق اليوم؟
  - نعم، العراق قبلة الشعر ومسقط رأسه، حتى إن محمود درويش يقول كذلك:
 «كن عراقيا لتصبح شاعرا».. أما اليوم فهناك مشهد شعري جديد لم تتضح معالمه حتى الآن
 هناك من ظن أنه مغيب في زمن الديكتاتورية، وحين أتيحت له الفرصة دخل المشهد بكامل أميته،
 وهناك من اتخذ النظام الساقط شعارا قوميا، فأخذ يستعطف وسائل الإعلام العربية
 وأخذت تتعاطف معه؛ المشهد الشعري العراقي اليوم هو في جملة واحدة «شحة شعر وكثرة شعراء»،
 لكن الشعراء الحقيقيين ما زالت لهم بصمتهم على الشعر العربي.
في الماضي كانت المعاناة ملح الشعر العراقي،
 واليوم تخفف الشعراء من معاناتهم ففسد بعض شعرهم.. فهل صحيح أن الشعر العراقي يحتاج إلى نار
 موقدة ليستوي وينضج؟
من أقصى الجنوب، من أهوار العراق، ومن «بحة» صوت «داخل حسن»
 كانت من هناك أول كلمة كتبت حيث «سومر»، ومن هناك تعلم العالم القراءة والكتابة..
 وقد وصلت عذابات هذا الجنوب إلى حد التخمة فأخذ ينزف إبداعا..
 ولم يكن الأمر مقتصرا على الشعر، لكن للشعر طغيانه على هذه البيئة.
 هل يحتاج إلى نار موقدة ليستوي وينضج؟ قد أختلف معك؛
 لأننا ما زلنا نتنفس شعرا، وحين نعدم الشعر سنختنق ونموت،
 لذا أرجو ألا يؤاخذنا أحد بما كتب الطفيليون منا.
كأن القهر أصبح «ترفا» يفتقده الشعراء في العراق ويحنون إليه.
 وهل دخلنا عصر الترف في العراق؟ الجواب: لا، لأننا في أمة كلما جاعت أكلت مبدعيها
، نحن نطعم الإهمال والأرصفة والاضطرابات الأمنية في كل يوم وجبة دسمة من المبدعين
، فعن أي ترف تسألني؟ صحيح أن الشعر العراقي متجذر الأنين بدءا من تنويمة أمهاتنا للأطفال
 «دللول يالولد يابني.. عدوك عليل وساكن الجول»، إنها تعلم الطفل ما لم يعلم،
 حيث تبلغه أن له عدوا، وتعود تطمئنه بأن هذا العدو عليل ويسكن الجول أي الصحراء..
 وعلى هذا الأنين ننام ونصحو لنكبر فنئن، وحتى في ترفنا نحن نغني، وربما يجهل البعض
 أن أغنية فيروز «أنا عندي حنين ما بعرف لمين» عراقية، وشاعرها عراقي هو الشاعر شاكر العاشور؛ مع هذا كله نحن لم ندخل عصر الترف ، فلقد كنا نعاني من الأمن، من ضباط أمن النظام الساقط، والآن نعاني من الأمن؛ لأنه مفقود، وقد استتب على الاضطراب.. ويكفيني شرفا أني صاحب أول بيت بعد انهيار الديكتاتورية، حين رأيت العراق يسرق ولا أملك أن أمنع أحدا، فصرخت:
قضّيت عمري فيه تحت المطرقه
لم أنتظر وطني يموت لأسرقه
قلت هذا بعد ثلاثة أيام من انهيار صنمنا الرملي،وكنت وقتها أحاول إنقاذ مكتبات كلية الآداب جامعة
 بغداد، وقد تناقلت الفضائيات هذا البيت في وقت كان الرصاص أعلى صوتا، ولا أخفيك لقد فرحت كثيرا لأني سمعت بأن الشعر له صوت في ظل أزيز الرصاص.
قرأنا رثاءك لأخيك حسن، وكأنك «تهجو» العراق.
قصتي مع العراق هي قصة حب من طرف واحد،
 فنحن نموت ليحيا الوطن، ونحن نجوع ليحيا الوطن،
 ونحن نئن تحت سياط الوطن من أجل الوطن
، لقد قلت في إحدى قصائدي: حتى «هوية» مشتقة من
 «هو» لا من «أنا».. وأخيرا أكل العراق ثلاثة أرباع اسمي
 «شقيقي حسن»، لقد كان ثلاثة أرباع اسمي، وحتى لحظة استشهاده شغل ثلاثة أرباع عمري
، أكلته المراهقة السياسية التي أطلقت عليها يا صديقي اسم «الترف».
لديك قصيدة ترثي فيها نفسك؟
- نعم، لقد هيأت مرثيتي في عام 2002 لكي لا أتعب أحدا برثائي
، لعلمي أن العراق سيفعلها ذات يوم، وقد نجوت منه ثلاث مرات
، وفي كل مرة أزداد التصاقا به، أتذكر أني خاطبته مرة قائلا في قصيدة اسمها «إلى العراق دام ظلمه»:
هل حظنا أننا نحيا بلا شرف
على ثراك وإن متنا لك الشرف
يا قاتل النخل والأطهار يا وطني
إني أحبك جدا.. أيها الصلف!
على الرغم من ذلك، لديك قصيدة بعنوان «ما زلتُ على قيد العراق»؟
العراق هو الحياة بكل قلقها وسعادتها، ولا أسعى إلى التحرر من قيده، فأنا عراقي حدّ اللعنة:
يا سيدي، يا دموع النهر، يا وطنا
من البياض ويا ماء وحشد ظما
ويا صديقا، ويا خصما، ويا شرفا
ويا هدوءا وبركانا ويا نِعما
لديك قدرة على تحويل المعاناة والغضب إلى كوميديا سوداء..
 فهل تمثل السخرية متنفسا للهروب من واقع، أم أن الشاعر داخلك لا يطيق الجدية وصرامتها؟
هذا ما جبلت عليه، فأنا إذا أصمت أبكي، وأحيانا أحتاج وقتا طويلا للبكاء،
أحيانا أقطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام لكي أنفرد بنفسي، فكثيرا ما أشتاق لي،
 وحين نلتقي أنا وأنا نبكي كثيرا، وحين ينتهي لقاؤنا تكون هناك قصيدة.
 لذلك تراني كوميديا ساخرا كي أهرب من الشاعر الجدي الذي يأكل جوفي،
 وسرعان ما ينساق الشاعر الذي في داخلي فيكون
 مثلي ساخرا، فتظهر ملامح ذلك في كتاباتي أحيانا.
ماذا بقي من الشعراء العراقيين في ظل الفوضى السياسية العارمة؟
هم يتخبطون، فسابقا كان الضوء للسلطة وبالنتيجة يكون لشاعرها،
 وما دام الشاعر يرتبط بالسلطة فسيسقط بسقوطها، ولك أن تقرأ البرقية
 الوثيقة المنشورة في مجلة «غاوون» إلى صدام حسين من أسماء معروفة
، من بينها محمود درويش، وجابر عصفور، وها هي الفضائح بدأت تنشر وتظهر.
 أما في العراق فقد بدأت مرحلة الشاعر المواطن، لكن هذا المواطن لم يتعرف
 عليه الوسط الثقافي العربي، كونه يعرف من طبّل للطاغية المقبور، ولا يحتاج لمعرفة الآخر
؛ أما الفوضى السياسية فقد أعادت الشاعر إلى شعبه لكي يتربى جيدا، فينهض شاعر
أمة لا شاعر رئيس ما، ومن الآن فصاعدا لن يكون هناك شاعر رئيس بعينه
؛ لأن الرئيس يستبدل كل أربعة أعوام، لذا نحن أمام مرحلة جديدة من الشعر العراقي.
أين أمست الرابطات الأدبية والجماعات الشعرية التي كانت سائدة في العراق؟
الرابطات الأدبية موجودة في العراق ومنتشرة، كانت سابقا تصب في مصلحة
«القائد الضرورة» وتتلقى الدعم منه، أما الآن فهناك رابطات أكثر تتمتع بحريتها الكاملة،
 أما أنا فقد قمت بتأسيس نادي الشعر في العراق، وأصبح الشعر
ينشد كل سبت في اتحاد الأدباء بعد أن كان ينتظر حصته من جلسات الاتحاد الأربعائية،
 وأحيانا تكون حصة الشعر جلسة واحدة كل شهرين، ويقرأ فيها شعراء الواجهة السياسية.
صدرت روايتك الأولى «مضيق الحناء»، حدثنا عنها.
هي التجربة الأولى لي في الرواية، وقد عشت معها أكثر من تسعة أعوام دون أن أكتبها،
 تحكي عن قوم انتقلوا من جنوب العراق إلى بغداد، وزمنها يمتد من خمسينات القرن الماضي
إلى ما بعد الحرب الطائفية، و«مضيق الحناء» هو اسم أطلقته على أحد أحياء بغداد، كان في
 هذا الحي تمثال لعباس بن فرناس، وكانت النسوة تقدم الحناء لهذا التمثال
 لكي يجنبهن السوء؛ ظنا منهن أنه تمثال لولي صالح، لذلك كان اسم «مضيق الحناء».
لديك دراسة للماجستير ترجع فيها اكتشاف الشعر الحر (التفعيلة) إلى العصر العباسي، فعلى ماذا اعتمدت؟
درست شعر ابن الشبل البغدادي، وقد عثرت على شعره في مجلة
 مجمع اللغة العربية في عمّان، تحقيق الدكتور حلمي الكيلاني،
 وقد صدمت كثيرا حين وجدت الدكتور يدون شعرا من التفعيلة ولا يعي
 ولا يدري أنه من شعر التفعيلة، حيث يقول: وقال وأغرب في القول:
وستة فيّ لم يخلقن في ملك ... حلمي وعلمي وأفضالي وتجربتي
وحسن خلقي وبسطي بالنوال يدي
كتبها المحقق الدكتور الكيلاني على هذه الشاكلة، وحين بحثت ودققت وجدت
 هناك ما فاته من هذه المقطوعة فكانت كالآتي:
وستة فيك
لم يجمعن في بشر
كذب
وكبر
وبخل أنت جامعه
مع اللجاج وشر الحقد والحسد
وستة فيّ
لم يخلقن في ملكٍ....
حلمي
وعلمي
وأفضالي
وتجربتي
وحسن خلقي
وبسطي بالنوال يدي
فتألمت كثيرا حين وجدت أستاذا محققا يحمل الدكتوراه ولم ينتبه إلى أن الشاعر
 جاء بالبسيط على ثلاثة أشطر، وأجّل القافية إلى الشطر الثالث،
 وحين وجدت بقية المقطوعة كانت القصيدة تجريبا وعلى بحر لا يعد من البحور الصافية..
 ولقد عثرت على الكثير وهو قيد الدراسة بعد أن أعدت جمع وتحقيق ديوان ابن الشبل البغدادي، وسيصدر قريبا.