.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الجمعة، 18 مارس 2011

دلالة الم الفراق بين (ياهيبة المعنى ) و(ادمنت وجهك)

دلالة الم الفراق بين (ياهيبة المعنى ) و(ادمنت وجهك)

نقلا عن مركز النور


عبد الكريم ابراهيم
18 / 3 /2011

يعد الرثاء من الاعراض الشعرية القديمة الذي عالج موضوعات رحيل الاحبة من عالمنا الى عالم اخر ،ربما يكون الم الفراق هو الذي ولد اللوعة في نفوس الشعراء ،فانتجت قصائدهم سيلا من المشاعر الجياشة وزفرات تعتصر الصدر ليس لها دواء سوى خروج هذه الآهات على شكل ابيات شعرية ، قد تكون هي السلوى للراثي . وتتصاعد قوة القصيدة تباعا للعلاقة التي تربط الراثي بالمرثي ؛لان هذه العلاقة من اهم عوامل نجاح قصيدة الرثاء ،لذا نجد قصائد كتب لها الخلود في دينا الادب دون غيرها ؛لان عبرت بصورة صادقة عن حقيقة المشاعر ، ليست مجرد ابيات يراد لها التقرب من اهل الجاه والدولة ،فاغلب مراثي الملوك والقادة وعلية القوم جاءت بطريقة الاخوانيات والمجاملة الخالية من الاحاسيس المرهفة ،ولو تفحصنا دواوين الشعراء حتى هذا اليوم نجد ان عرض الرثاء احتل مساحة واسعة من شعرهم ،لكن لانقف ونحن نقرأ هذ ا الكم الهائل الا امام النزر القليل الذي يثير العاطفة ويهيج اللوعة .



قصيدة (ياهيبة المعنى ) من احدث قصائد حسين القاصد الرثائية التي قالها في رثاء الدكتور محمد حسين الاعرجي وهي نموذج حي على عمق علاقة الراثي بالمرثي وكيف تفجر الالم على شكل ابيات شعرية نلمس منها لوعة الفراق ؟، واذاما قورنت بقصيدة اخرى لنفس الشاعر وهي (ادمنت وجهك )التي قال في رثاء الدكتور عناد غزون ،لوجدنا فرقا متفاوتا بين القصيدتن رغم ان كلا الشخصين من استاذته وتربطه بهما علاقة وطيدة ،حتى انه يخاطبهما دائما ب( ابواي ).


القصيدتان تملكان روحية الالم المفرطة والدموع الساكبات التي اعتاد القاصد على التفنن فيهما ؛ولذلك لحجم المصائب التي احاطت به ،وربما يكون الحزن سمة عراقية ورثها الشاعر عن جذوره جنوبية والتي تتغنى بالحزن حتى مع الفرح .هناك تشابه بين المرثين من الناحية العلمية والروحية وصلتهما بالقاصد ، ولكن قصيدة (ياهيبة المعنى ) كانت ذات بداية مغايرة عن قصيدة ( ادمنت وجهك ) :


شأنا ، اقول لصاحبي ابتاه


فأنا الوحيد صديقه مولاه


من ايتم المعنى الكبير وقال لي :


اذهب يتيما لم يمت ابواه


وصلت العلاقة بين القاصد واستاذه الاعرجي الى درجة الصداقة وهي مرحلة متطورة يمكن من خلالها كسر قيود الاحترام الابوية المعروفة (لصاحبي ابتاه ،فانا الوحيد صديقه ،لم يمت ابواه) ،ولكن في قصيدة (ادمنت وجهك ) كانت البداية تقليدية الى حدما ،ولعل التصريع في البيت الاول يؤكد هذا القول :


اعن اضطرابي لو يبست حدادا


قد كنت في فقد البلاد بلادا


حاول القاصد ان يخرج في (هيبة المعنى ) عن اسلوب الشطرين معتمدا نسق التفعيلة ،ولعل هذا زاد من الحرية التي ينشدها وصولا الى الراحة النفسية وحسن اختيار القافية (ابتاه،مولاه ، انساه ....الخ )،اما قصيدة ( ادنت وجهك ) سار على طريقة الشطرين مع حرف روي يكاد يكون مستهلك (حدادا ،بلادا ،تمادى ،عبادا ....الخ )


وهناك عوامل الاشتراك موجودة في القصيدتن من مفردات الموت وطريقة التهكم من الحاسدين :


هل مات ؟ لا بل طادروا لمعانه


ليغيب عنهم صائنا معناه


حتى متى ؟ والموت يسكن جملتي


ماذا يريد الموت .... يالله ؟


هل صحت باسمي ياابي انا اسف ؟


مذ غبت عني ما شعرت انادى


ماذا سيجري لو اتيت وقلت لي ؟


يا ابني لاملأها ندى وودادا


بل حاول الشاعر افضاء على الموت علاقته الروحية بالعراق :


الموت من صنع العراق وما لرب الكون من امر حاشاه


الموت طفل الهور كان لادم


مشحوفه حتى يرى حواه


وللغة المخاطبة والغائب اثرهما على سير القصيدتين:


سرطانه هم ، ليس تحت لسانه


انا لم اقل للناس انك مت عد


وهو يعذر الحساد لان المرثين اكبر منهم :


اعذر صغار القوم لو قد تاهوا


علي ان استصحب الحسادا


ثم يحاول ان يكسر القاعدة العراقية (ان الموت للزينن ) في (ياهيبة المعنى ):


الموت (للزينين ) اسخف حكمة


فالارذلون تفاقموا ..رباه


امافي الصورة التي رسمها الى استاذه عناد لم تكن بمستوى المطلوب :


ولله لومات الفرات عذرته


واقول قد مات الفرات عنادا


ربما ينطبق هذا القول على ختام القصيدتين،مع الاعرجي تبدو الصورة سريالية ،حيث وجده فيكل يخص الشاعر وهذا يعني بقاء الممدوح :


هو في عيوني .. في الحكايا


هو الف اسئلتي فيا من اخذتم الفها (ولفي وريد وياه )


اما مع عناد تبدو الصورة لان الشاعر يؤكد الموت ولكن لايريد ان يصدق هذا الامرويشكك من خلال "قد" :


انا لم اقل انك مت عد


لي كي اقول مسافر قد عادا


ولعل اختلاف في القصيدتين عائد لتطور العلاقة في (ياهيبة المعنى ) وصولها الى اعلى درجات وهي الصداقة ، في حين بقية هذه علاقة الطالب بالاستاذ هي المسيطرة على اجواء ( ادمنت وجهك ) فضلا عن الفترة الزمنية بينهما اطلع فيها القاصد على الكثير من مصادر الادب بحكم دراسته العليا ،ما ادى الى تجديد روحيته وابتعاده عن الطرائق التقليدية في القصائد الشعرية .