.

في المكتبات جديد الشاعر حسين القاصد"القصيدة الإعلامية في الشعر العراقي الحديث" و النقد الثقافي ريادة وتنظير وتطبيق- العراق رائدا

.....

للحصول على اصدارات حسين القاصد ...جميع اصداراته في مكتبة الحنش  و  مكتبة  القاموسي في مكتبة المتنبي

الأربعاء، 27 مايو 2009

غنائية ساحة التحرير بين جواد سليم وحسين القاصد

غنائية ساحة التحرير بين جواد سليم وحسين القاصد

يشدني مشهد الحمائم وهي تعشش فوق نصب الحرية ،ترفرف على العابرين نحو قلب المدينة باجنحتها تنقر خدود الفتيات التي اكتوت ببرد الشتاء ،تحدث العمال البسطاء وقد افترشوا الجانب المقابل ، تسألهم عن احلامهم ،عن مشاكلهم ،عن الذين ينتظرون عودتهم بشيء من المال والامل

بين هذا وذاك يلتقط مصور الساحة حركات الناس بعدسته يحاول ان يرسم على وجوهم نوعا من المرح والتفاؤل بيوم جديد .كل هذه الاشياء اختطت بصوت منبهات السيارات التي ايقظت معظم نزلاء فنادق الدرجة العاشرة ،مشهد يتكرر كل يوم :الوجوه ،الملابس ،الاحذية بنوعيها الملمع والتي اكتسبها غبار الشارع ، الكل يمر ويلقي التحية على جواد سليم الذي مازالت روحه تحرس المكان اكثر من نصف قرن وهو سجل ملحمة وتاريخ شعب اراد ان يرسم مستقبله بنفسه من خلال نماذج من مختلف شرائح المجتمع ،وكل له دلالته الرمزية ، فهذا الجندي الذي كسر طوق العبودية نحو عالم جديد ، فيه اسمى شيء يبحث عنه الانسان الاوهي الحرية والتي لاتاتي الاعبر تضحيات الام وهي تزغرد لابنها وهو يختار الشهادة وقد حملت (صينية ) الحناء و الشموع ، وطفل يرنو الى افق جديد فيه المستقبل الذي تشرق فيه الشمس لتغطي باشعتها كل ارض العراق ، هي ملحمة شعب اختصر بجملة الرموز. وظفها الفنان العراقي المبدع جواد سليم وترك لنا ارثا خالدا تتذكره به الاجيال القادمة , بعد نصف قرن من هذه الملحمة تأتي قصيدة حسين القاصد (من ساحة التحرير )في محاولة لاعادة نحت نصب الحرية من جديد ولكن هذه المرة بازميل شاعر اختصر القوافي وجند بحور الشعر ليرسم لنا صورة الواقع اليومي العراقي من خلال استحضار هذا الرمز البغدادي الذي يحاكي العراقيين عند الصباح والمساء ،ورغم ان شعراءا سبقوا القاصد في هذا الموضوع ولكن ربط الحاضر بالماضي وعراق اليوم هي التي جعات من هذه القصيدة ذات خصوصية موضوعية ابتعد قليلا عن السريالية ومخاطبة الضمير المجهول التي عرفت عن القاصد .القصيدة تبدأمن هم يعيشه العراقيون واصبح زادهم اليومي الذي شاركهم حياتهم انه الموت القادم من وراء الوراء لذا تكررت هذه المفردة لاكثر من مرة مع دلالاتها كما في بداية القصيدة :


قلق تلحنه شؤون زائلة
واسى يحاك دمى ولكن قاتله
الموت عائلة ولها اطفال
ولها حكايا الفذ رب العائلة


وهويرصد اي نوع من الموت انه الذي يأتي عبر الحدود غريبا لايعرف التمييز بين طفل وامرأة وشيخ :.


من ذلك الموت الملثم ..
من شظايا غبش اعمى
تشظت قافلة

وربما تكون الطفولة هي اكثر نبضات الحياة تأثرا بهذا القادم ن يرسم مشهد سقوطهم بين فكي هذا المفترس :


يتراكض الاطفال
تسقط دميتان ...فتنتهي صور النجاة الفاشلة
طفلي بسن الحزن
يقضم فرصة لاتشتهيه
وقد اتت لتقاتله


وقد استفر كل الاشياء حتى الجامدة واضفى عليها الحياة كرصيف الذي انهمرت دموعه حزنا على اخيه :

ولربما استاء الرصيف فلم يزل يبكي على من ماثله تتراكض الطرقات ياحظر التجوال لاتكن دربي فروحي جائله ورغم اللغة الماساوية التي سجلتها القصيدة في اغلب مشاهدها الدرامية ولكن نشاهد هناك امل في غد مشرق يطرح هذه الاشياء (الملل،الانفجارات ،............ الخ ) من خلال :الصبح يبدأ بالتثاؤب ولعل صور الشموخ التي سور بغداد هي حال الامل في كسر القيود:افكلما احتاج الزمان حضارة

حمل العراق بتمر صبري بابله
بغداد صبح
لم يقمطه الظلام
فمد اذرعه وفاح بلابله
من ساحة التحرير
اذن للخلاص
لكي يزيل سلاسله


اذن بدأ القاصد وانتهى من حيث انتهى جواد سليم في نصب الحرية ولعل هذه الغنائية هي استحضار الماضي وولوج في المستقبل لان اعداء الامس هم انفسهم اعداء اليوم.

عبدالكريم ابراهيم